قال -رحمه الله-: "وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بدنه" البدن جمع بدنة "أن أقوم على بدنه" يعني بعد أن ذبح النبي -عليه الصلاة والسلام- منها ثلاثاً وستين، ووكل البقية إلى علي -رضي الله عنه- ليقوم بذبحها، وكل إليه أن يقوم بتدبير لحمها "أن أقوم على بدنه، وأن أقسم لحومها وجلودها" لأنها تبع لها "وجلالها" يعني ما تغطى به مما يقيها من حر الشمس ومن شدة البرد يسمى جلال "وجلالها على المساكين" لأنها تبعاً لها "ولا أعطي في جزارتها شيئاً منها" يعني جئت بالجزار تقول: كم تذبح هذه الأضحية؟ قال: بخمسين، تقول: أعطيك الجلد، أو أعطيك منها يد أو رجل بدل الذبح هذا لا يجوز، لكن إذا قال: بخمسين، ودفعت له الخمسين، اتفقت معه ثم أعطيته منها باعتبارها هدية إن كان غنياً، أو صدقة إن كان فقيراً، هذا لا شيء فيه، لكن لا يجوز لك أن تقي مالك من أجرته بشيء منها؛ لأن هذا رجوع، بشيء مما أخرجته لله -جل وعلا-.
قال:"أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بدنه، وأن أقسم لحومها وجلودها وجلالها على المساكين" لحومها وجلودها وجلالها، جاء الأمر بالأكل {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [(٣٦) سورة الحج] الأكل والإطعام، والإطعام يكون على وجه التصدق على المساكين، ويكون أيضاً على جهة الإهداء، ولذا يستحب أهل العلم أن تقسم أثلاثاً، فيأكل ثلث، ويتصدق بثلث، ويهدي ثلثاً.
"ولا أعطي في جزارتها شيئاً منها" متفق عليه" لأن إعطاء الجزار أجرته شيئاً منها رجوع في هذا الشيء مما أخرجه لله -جل وعلا-، فلا يجوز بيع شيء منها، والأجرة في حكم البيع؛ لأنها مستحقة في ذمته.
عند أبي حنيفة يقول: يجوز أن تبدل هذا الجلد أو هذا الجلال أو الشعر شعر الأضحية يجوز أن تبدله بغير الدراهم والدنانير؛ لأنه يجوز لك أن تنتفع بالجلد فتنتفع ببدله، لا يجوز أن تبيعه بالإجماع، لكن يجوز أن تنتفع به، ومن وجوه الانتفاع أن تبدله بشيء تنتفع به.