قال -رحمه الله-: "وعنه -رضي الله عنه- قال: كانت يمين النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا، ومقلب القلوب)) " تقدم النقل عن ابن القيم -رحمه الله-، وأنه استقرأ الأيمان والأقسام النبوية، فبلغت عنده نحو ثمانين موضعاً، وكثيراً ما يقول:((لا ومقلب القلوب)) ((والذي نفسي بيده)) ((والذي نفس محمد بيده)) ((لا ومصرف القلوب)) هذه كثيراً ما يقولها، كثيراً ما يقول:((والذي نفسي بيده)) ((والذي نفس محمد بيده)).
كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يواظب على هذا اليمين ((لا، ومقلب القلوب)) والفائدة من ملازمة أو الإكثار من هذه اليمين التذكير بمضمون اليمين، وهو أنه ينبغي أن يستحضر الإنسان أن قلبه بين أصبعين من أصابع الرحمن، فلا يتكل على عمله، أو على ما هو فيه من استقامة والتزام؛ لأنه كم من مهتد قد ضل، وكم من مسلم قد ارتد، وكم من ضال قد اهتدى، وكم من مستقيم خرج عن حد الاستقامة إلى الفسق والعكس، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن.
يعني الإكثار من هذه اليمين تذكر السامع، وتذكر المتكلم بمعنى مقلب القلوب، مصرف القلوب، تجعل الإنسان على خوف وعلى وجل من سوء العاقبة، وأن يستحضر دائماً الدعاء بالثبات على الاستقامة إلى الممات؛ لأن القلوب بيد الله، يقلبها كيفما شاء.
القلوب المرادة هنا ليس المراد بها ذواتها، يعني ليس القلب بدل ما هو منكوس يعتدل، أو يذهب يمين، أو شمال، لا، إنما المراد أحوالها، المراد تقلب أحوالها من استقامة إلى ضدها، من كفر إلى إسلام، من إسلام إلى ضده، لا سيما في أوقات الفتن التي تضل الناس كقطع الليل المظلم ((يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً، ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا)) ولذا على الإنسان أن يلهج في جميع أحواله، ويدعو الله -جل وعلا- بالثبات، ومثل ما تقدم أن اليمين تجوز بجميع أسماء الله الحسنى وبصفاته الثابتة له في كتابه وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-.
يقول: ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية في حربه للتتار أنه قال: "والله لنغلبنهم هذه المرة، فقيل له: قل إن شاء الله، فقال: أقولها تحقيقاً لا تعليقاً، فعلى أي وجه يحمل قوله؟