((إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل)) بعض الناس لا تجود نفسه أن يتصدق حتى ينذر، ويلزم نفسه بذلك، إن حصل كذا، أو لله عليه كذا دون تعليق، لله علي أن أتصدق بكذا، وكثير من الناس في أثناء الشهر تجده يقول: لله علي إذا استلمت الراتب أتصدق بمائة بمائتين بألف، هذا يستخرج به من البخيل؛ لأنه في الأصل ما يتصدق إلا بمثل هذه الطريقة، ثم بعد ذلك ما النتيجة؟ لو ترك الأمر من دون نذر، ومن دون عهد مع الله -جل وعلا- ولم يتصدق الأمر سهل إلا إذا كان واجب، وجبت عليه الصدقة، لكن ماذا عما لو قال: لله عليه أن أخرج كذا من راتبي ثم بعد ذلك ما فعل؟ {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [(٧٥) سورة التوبة] النتيجة؟ {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ} [(٧٧) سورة التوبة] ... أنت في سعة يا أخي لست بملزوم، أنت لست بملزم أن تقول مثل هذا الكلام، لكن بعض الناس ما يملك، ما يستطيع أن يتصدق ابتداءً، يخرج أحب الأشياء إليه إلى قلبه، ويبذله طائعاً مختاراً هذا صعب عليه، فهو إذاً بخيل ((وإنما يستخرج به من البخيل)) بعض الناس يصعب عليه فعل الواجب، أو ترك المحظور، فيقول: لله علي إن فاتتني الصلاة أن أتصدق بكذا، ولله علي إن اغتبت أحداً أن أتصدق بكذا، وهذا فعله بعض السلف، قال: لله عليه إن اغتبت أن أتصدق بكذا، قال: فهانت علي الغيبة، سهل، المقابل موجود؛ لأنه واجد غني، يقول: ثم عدل عن هذا إلى قوله: لله علي إن اغتبت أحداً أن أصوم يوماً، يقول: فتركت الغيبة، الصيام صعب، ما هو مثل بذل المال، وإن كان بعض الناس إذا كان ليس ذا جدة، وقد مرن نفسه على الصيام، الصيام أسهل عليه، وبعض الناس ممن اتصف بالشح الصيام أسهل عليه على كل حال، صيام الدهر أسهل من إنفاق درهم عند بعض الناس، والعكس عند بعضهم، لكن ماذا عما لو أكد الأمر الشرعي بالتزامه بنذر أو عهد أو نحوهما مما يلزم به نفسه، ما يلزمه الوفاء به، إن فاتتني ركعة أن أتصدق بعشرة، فاتتني ركعتان أتصدق بعشرين وهكذا، ثم بعد ذلك الحساب في آخر اليوم بعد صلاة العشاء، صلاة الفجر ماذا فاته؟ صلاة الظهر؟ ثم يجمع خمس ركعات في اليوم، يعني يتصدق