قال -رحمه الله-: "ولأبي داود من حديث ابن عباس مرفوعاً" مرفوعاً يعني إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- " ((من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين)) " وهذا يشهد لرواية الترمذي السابقة ((من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين)) وفي خبر ابن عباس وحديث عقبة ما يقيد إطلاق رواية مسلم، وأن الذي يكفر كفارة يمين إذا لم يسم.
((ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين)) نذر معصية، إن عاد مريضي فلله عليه أن ينام يوماً كاملاً مثلاً بما في ذلك أوقات الصلاة، إن شفى الله مريضه أو عاد غائبه أن يشرب خمر مثلاً، أو غير ذلك من المعاصي، إن شفى الله مريضي أو عاد غائبي أو تزوج بفلانة، أو تزوجت بفلان أن تقطع رحمها، أو يقطع رحمه، هذه كلها معاصي لا يجوز الوفاء بها، لا يجوز الوفاء لكن هل يكفر أو لا يكفر؟ في خبر ابن عباس:((ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين)) إسناده صحيح إلى ابن عباس، لكن هل هو من قوله أو مما يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ مسألة اختلف فيها أهل العلم، لكن الحفاظ رجحوا وقفه، وأنه من قول ابن عباس، من اجتهاده.
((ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين)) نذر المعصية هل ينعقد أو لا ينعقد؟ محل خلاف بين أهل العلم، فإذا قلنا: إنه لا ينعقد لا شيء عليه، وإذا قيل: إنه منعقد، وهو الذي ألزم نفسه بغير لازم عليه أن يكفر كفارة يمين، لا سيما وأن مفاد هذا النذر مفاد اليمين، مفاده الحث أو المنع كما قيل فيمن قال لزوجته: إن خرجت فأنت طالق، ومراده بذلك المنع من الخروج يكفر كفارة يمين على ما اختاره شيخ الإسلام، وهو المفتى به؛ لأن القصد منه الحث أو المنع، فإذا كان القصد من هذا النذر الحث أو المنع فكفارته كفارة يمين، ومن قال: إن نذر المعصية لا ينعقد فإنه لا كفارة فيه.
((ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين)) نذر لا يطيقه، لو نذر أن يصعد إلى السطح بغير سلم، هذا لا يطيقه ولا يستطيعه، نذر أن يحج هذا العام حجتين، يستطيع وإلا ما يستطيع؟ ما يستطيع، فهذا كفارته كفارة يمين على قول ابن عباس -رضي الله عنه-.