"نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله" المشي ليس بعبادة مقصودة، نعم رتب عليه ثواب؛ لأنه وسيلة إلى عبادة، فالإنسان من يخرج من بيته إلى أن يرجع إذا قصد العبادة، ولا ينهزه للخروج من بيته إلا العبادة مأجور على هذا المشي، له بكل خطوة إذا مشى إلى الصلاة حسنة، ويحط عنه بكل خطوة خطيئة، لكنه ليس بمقصود لذاته، المشي ليس مقصوداً لذاته، وإنما هو وسيلة إلى المقصود، وهي الصلاة أو الحج أو الجهاد، أو صلة الرحم، أو ما أشبه ذلك، ولذا لو أن إنساناً مشى، قال: أنا أريد أن أصل الميقات وأرجع، يؤجر على هذا المشي؟ لا يؤجر عليه، أو يصل إلى باب المسجد ويرجع، ما له أجر، إنما الأجر من أجل أن يصلي، ولو قال: أذهب إلى الطريق الأبعد لتكثر الخطى، فاستدار على الحي ثم دخل المسجد، نقول: ليس لك من الأجر إلا بقدر ما يوصلك إلى المسجد؛ لأن المشي ليس بمقصود لذاته، فالقدر الزائد عليه ليس بشرعي، كونه يمشي من أجل المحافظة على صحته، أو المحافظة على زونه كما يقولون، هذا أمر آخر، لكن المقصود المشي الذي يرتب عليه الثواب، إذا كان تابع لعبادة له أجر، إذا كانت العبادة ليست بحاجة إلى هذا المشي فإنه لا أجر فيه، هذه نذرت أن تمشي إلى بيت الله حافية، يختلف أهل العلم في الحج ماشياً أو راكباً، أيهما أفضل؟ من نظر إلى حجه -عليه الصلاة والسلام- قال: الركوب أفضل؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج راكباً، ومن نظر إلى تقديم المشي {فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} [(٢٣٩) سورة البقرة] فقدم المشي على الركوب، رجح المشي على الركوب، لكن ما في هذا الحديث "نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية" حافية غير منتعلة، ولا لبست الخف، هذا تعذيب من تعذيب الإنسان لنفسه، والله -جل وعلا- عن هذا غني، والله -جل وعلا- لا يصنع بشقاء أختك شيئاً.