شدة الحساب تدل على المناقشة، ومن نوقش الحساب عذب ((يدعى بالقاضي العادل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره)) وهذا الحديث فيه كلام لأهل العلم، والراجح عدم ثبوته، ويذكر في كتب أهل العلم من باب التحذير من الظلم، والترغيب في العدل، إذا كان هذا القاضي العادل فكيف بغيره؟! مع أنه جاءت النصوص التي تدل على مدح أهل العدل والإنصاف من القضاة وغيرهم ((المقسطون على منابر من نور يوم القيامة)) المقسطون: يعني العادلين الذين يعدلون بين أهليهم وغيرهم ممن ولوا أمرهم على منابر من نور، فيكف يقال:((يلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين))؟ إذا ثبت له الوصف وهو العدل، والقاسطون بخلاف ذلك، المقسطون على منابر من نور، والقاسطون؟ {فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [(١٥) سورة الجن] نسأل الله العافية، فالمقسط هو العادل، والقاسط هو الذي يعدل عن الحق، ويميل إلى الباطل.
((يدعى بالقاضي العادل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره)) هذا العادل إذا لقي من شدة الحساب من التدقيق والمناقشة لا محيد ولا مفر أنه هالك ((من نوقش الحساب عذب)) مما يدل على أن هذا الحديث في معناه وفي ثبوته نظر.
((بين اثنين في عمره)) رواه ابن حبان، وأخرجه البيهقي، ولفظه:((في تمرة)) من قضى بين اثنين في تمرة، فقضى بها لأحدهما دون الآخر، ولو كان عادلاً قضى بها لصاحبها، يتمنى أنه ما قضى، مما يدل على ضعف هذا الخبر؛ لأنه إذا كان العادل بهذه المثابة فمن يتولى القضاء بعد ذلك؟! من يفصل بين الناس؟ من يحل مشاكل الناس؟ إذا كان هذا في حق العادل؟ نعم الظالم الجائر جاءت النصوص بوعيده، لكن العادل جاءت النصوص الصحيحة القطعية بمدحه، وهذا الحديث يتضمن ذمه بخلاف ما جاء في النصوص القطعية.
على كل حال هذا الحديث فيه كلام لأهل العلم في سنده وفي متنه.