((لا تجوز شهادة بدوي)) ساكن البادية من الأعراب الجفاة الجهلة؛ لأن هذا وصف كثير في البادية ((من بدا جفا)) ولبعدهم عن موارد العلم والنور يكثر فيهم الجهل، ويكثر فيهم الجفاء {الأَعْرَابُ -كما قال الله -جل وعلا- أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللهُ} [(٩٧) سورة التوبة] يعني لبعدهم عن أهل العلم يتصفون بالجهل، ويتصفون بالغلظة والشدة، ولاتصافهم الغالب بالجهل منعت شهادتهم على صاحب القرية الحضري، أما إذا ارتفع الوصف، وعرف عن هذا البدوي ساكن البادية العلم والإنصاف، قد يوجد فيهم، فإنه حينئذٍ تجوز شهادته، كما أجاز النبي -عليه الصلاة والسلام- شهادة الأعرابي في دخول شهر رمضان، فالمسألة مسألة وصف، فإذا تحقق الوصف وهو غالب بالنسبة للبادية قليل بالنسبة للحاضرة، فإذا تحقق هذا الوصف ردت الشهادة، سواءً كان الشاهد بدوياً أو حضرياً، لكن لما كان الوصف غالباً في البادية نص عليه، وتجد هناك منافسة بين سكان البادية وبين سكان الحاضرة، فتجد بعض الإشكالات والمشاكل بينهم، فتجد الحضري يتكلم في البدوي، والبدوي كذلك، فيحصل بذلك شيء مما يحمل على تجاوز الحق، فيحمل البدوي على أن يشهد على الحضري بغير حق والعكس، لكن المرد أولاً وآخراً للثقة والعدالة والأمانة، لكن لما كان الغالب في البادية الجهل والغلظة نص عليها، وإلا إذا وجد هذا الوصف في حضري أو غيره ردت شهادته.
قال -رحمه الله-: "وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه خطب فقال: "إن أناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" النبي -عليه الصلاة والسلام- مؤيد بالوحي، يحكم على الناس بما أعلمه الله -جل وعلا-، ويخبر عنهم، وقد يخبر بعض صحابته عن بعضهم، كما أخبر حذيفة عن بعض المنافقين، وسماهم له، لكن غير النبي -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي هذا عليه أن يحكم بما يظهر له، والباطن الخفي الذي لا يعلمه إلا الله -جل وعلا- انقطع بانقطاع الوحي.