الآن يحتاج في كثير من الأمور إلى أقوال المزكين، فيأتي هذا الذي طلب منه التزكية إلى أحد من أهل العلم فيطلب منه تزكية، فإما أن يتشدد ويرده بالكلية، يقول: أنا لا أعرف منك إلا ما يظهر لي ولا أعرف حقيقتك ولا سافرت معك ولا عاملتك بناءً على ما جاء عن عمر، فيتضيق الأمر على الناس، أو يزكي بالجملة، ويكيل من ألفاظ المدح ما لا يستحقه هذا المزكى، والمطلوب التوسط في الأمور كلها، اكتب عنه ما تعرف فقط، ولذا يأتي كثير ممن تطلب منه التزكية إلى أحد من أهل العلم فيحرجه يطلب منه التزكية، ويصعب على كثير من الناس مواجهة بعض طلاب العلم لا سيما إذا كان يحضر عنده الدروس، ويراه بكثرة أن يستفصل عن بعض الأمور، أو يقول: والله أنا لا أعرفك معرفة دقيقة، نعم أنت تحضر عندي، يكفيك أن أقول: تحضر عندي؟ وبعض أهل العلم يتشدد تشدداً يضيق على طلاب العلم في هذه الناحية التي يحتاجون إليها كثيراً، وخير الأمور أوساطها، على الإنسان أن يتوسط، لا يبخل بما يعرف، ولا يكتب ما لا يعرف.
قال -رحمه الله-: "وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه عد شهادة الزور من أكبر الكبائر" متفق عليه في حديث طويل".
بالمناسبة يعني من مناسبة ذكر أبي بكرة وذكر الشهادات يحسن أن نذكر ما يتعلق بشهادة القاذف إذا تاب؛ لأن الله -جل وعلا- قال:{وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(٤ - ٥) سورة النور] القاذف إذا تاب الحد يلزمه بالاتفاق، يجلد {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [(٤) سورة النور] يبقى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [(٤) سورة النور] هل يتناول الاستثناء الأمرين معاً أو يعود إلى الأخير فقط؟ كونه لا يعود إلى الأول الذي هو الحد هذا محل اتفاق، وكونه يعود إلى الأخير محل اتفاق يرتفع عنه وصف الفسق، لكن تقبل شهادته أو لا تقبل؟ خلاف بين أهل العلم.