هذه القرائن التي تتفاوت قوة وضعفاً، التي يقرر ابن القيم -رحمه الله- أنها كافية، لا شك أنها قد توقع في شيء من الحرج؛ لأنها قد تقوى فيغلب على الظن صدق المدعي، وقد تكون هذه القرينة متوسطة، فإن تردد في الأمر فتكون ضعيفة، وحينئذٍ يلجأ القاضي للحكم بعلمه، والقاضي لا يحكم بعلمه عند الجمهور على ما تقدم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((لو يعطى الناس بدعواهم)) " بدعواهم، بالإفراد في جميع النسخ؟ بدعواهم كذا في جميع النسخ؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال لا يلتبس الأمر، وإلا فالأصل أن تجمع الدعوى، كما جاء في الناس، فيكون من باب مقابلة الجمع بالجمع، فيكون لكل واحد من هؤلاء الناس دعوى، وإذا قلنا:((لو يعطى الناس بدعواهم)) صار الناس كلهم لهم دعوى واحدة يدعونها على مدعى عليه، وعلى كل حال المقصود واضح.
((لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم)) كلام صحيح، لو أن كل إنسان يدعي شيئاً يحكم له به لما بقي الحق في يد صاحبه؛ لأنه لا بد أن يوجد من يدعيه إذا كان بيعطى، ويدفع إليه بمجرد الدعوى من غير بينة.
((لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه)) اليمين على المدعى عليه، متى تلزمه اليمين؟ إذا أنكر.
متفق عليه، وللبيهقي بإسناد صحيح:((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)).
البينة أقوى من اليمين، فطلبت ممن جانبه أضعف، المدعي يدعي شيئاً بيد غيره، والمدعى عليه يدعى عليه شيء بيده، فالمدعي دعواه ضعيفة، والمدعى عليه وبيده المدعى به جانبه قوي، فاحتيج للبينة القوية لتقوي جانب المدعي الضعيف الذي يدعي حقاً في يد غيره، واكتفي بالبينة الضعيفة التي هي اليمين، وإن كانت عظيمة عند الله -جل وعلا-، لكنها عند الناس أسهل من إحضار الشهود؛ لأن جانب المدعى عليه قوي.
لو افترضنا أن المدعي أحضر بينة على أن ما يدعيه له، والمدعى عليه أحضر بينة، المدعي الذي يدعي أن ما بيد زيد له أحضر بينة مرضية، والمدعى عليه أحضر بينة مرضية أن ما بيده له، نعم؟