للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال -رحمه الله-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عرض على قوم اليمين فأسرعوا، فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف؟ ".

هذا متاع بيد طرف ثالث، افترض أنه لقطة، بيد شخص، بيد بكر من الناس، فجاء عمرو ووصف هذه اللقطة، وجاء زيد ووصف هذه اللقطة بوصف مطابق، طيب البينة من كل منهم، قالوا: ما عندنا بينة، اتجه اليمين على كل واحد منهما، فاستعد كل واحد منهما للحلف، يعني الكفة متساوية بين الاثنين، هذه اللقطة التي بيد عمرو عرفها زيد بوصف مطابق، وعرفها عمرو بوصف مطابق، طلب من زيد بينة، قال: ما عندي، طلب من عمرو بينة قال: ما عندي، قيل لزيد تحلف؟ قال: أحلف، قيل لعمرو: تحلف، قال: أحلف، كيف نصنع؟ ما الذي يحل مثل هذا الإشكال؟ قال: "عرض على قوم اليمين فأسرعوا" كلهم بيحلفوا "فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف؟ " قرعة "رواه البخاري".

وهذا فيما إذا استوت الأمور، القرعة حل شرعي، يعني في الأعمال والولايات التي يقدم فيها بالأوصاف المرعية شرعاً إذا استووا في هذه الأوصاف لا يكون الترجيح بين الناس بالتشهي، أو بالقربى، أو ما أشبه ذلك، لا، لو جاء أكثر من إمام لمسجد من المساجد قيل: الحكم حديث أبي مسعود ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)) فجيء بلجنة اختبرت هذا وهذا وحصلوا على درجة واحدة، كل واحد أخذ تسعين بالمائة في الاختبار، فإن كانوا في القراءة سواء، صاروا سواء، فأعلمهم بالسنة، اختبروا بالسنة نفس النتيجة، نظر إلى المرجحات الأخرى وجدت متساوية، المرجحات المعتبرة شرعاً، ما الذي يحل الإشكال؟ القرعة.

وفي مسألتنا لما تساوى الاثنان ما في حل إلا القرعة "فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف؟ ".

يقول الشارح: يفسره ما رواه أبو داود والنسائي من طريق أبي رافع عن أبي هريرة أن رجلين اختصما في متاع ليس لواحد منهما بينة، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((استهما على اليمين)) والمراد بالاستهام هنا هو الاقتراع.