((وحرم عليه الجنة)) فقال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال:((وإن كان قضيباً من أراك)) مسواك، ولو كان مسواك؛ لأن المسألة مسألة مبدأ، فالذي يحلف على القليل يحلف على الكثير، والذي يسرق القليل يسرق الكثير، ولذا جاء في الحديث الصحيح:((لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده)) لأن هذا يستمري في السرقة فيسرق ما فوقها.
((من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه)) مسلم، مفهومه أن من اقتطع حق كافر لا يثبت في حقه هذا الوعيد، ولا شك أن من الكفار من هو ذمي، معاهد، مستأمن، حقوقه محفوظة، ودمه معصوم، وماله معصوم، والتعدي عليه حرام، على نفسه أو ماله أو ولده كل هذا حرام، فهل قوله في الحديث:((مسلم)) له مفهوم أو لا مفهوم له لأنه جرى على الغالب؟ الغالب أن الذي في بلاد المسلمين هم المسلمون، فجاء الخبر على الغالب، أو نقول: إن هذا الوعيد الشديد في الحديث خاص بالمسلم، وغير المسلم وإن كان التعدي على ماله حرام، إلا أنه لا يصل إلى هذا الحد، فيكون لفظ المسلم مفهوم، من أهل العلم من قال بهذا، ومنهم من قال بهذا، منهم من قال: إن اللفظ جرى على الغالب، وأن من يعيش في بلاد المسلمين هم المسلمون، فجاء الحديث في التشديد في أموالهم، ولا يعني أن غير المسلمين يجوز التعدي على أموالهم، بل يستحق هذا الوعيد ولو اعتدى على مال ذمي أو مستأمن أو معاهد.
ومنهم من يقول: حرمة مال المسلم أشد من حرمة مال غيره، نعم مال غيره حرام غير الحربي، لكن لا تصل إلى حد الحرمة، والتشديد الذي جاء في التعدي على أموال المسلمين كما هو الشأن في دمه.
فقال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال:((وإن كان قضيباً من أراك)) مثلما قلنا: لأن المسألة مسألة مبدأ، والذي يظلم في القليل يظلم في الكثير.
ثم قال -رحمه الله-: "وعن الأشعث بن قيس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان)) متفق عليه" وهو شاهد للحديث الذي قبله في تشديد حرمة مال المسلم، وأما حرمة مال غيره فبنصوص أخرى.