للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عثمان بن عفان -رضي الله عنه- الخليفة الراشد، وهذا سبق أن ذكرناه في كتاب النكاح، في حديث ابن مسعود ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)) قلنا: إن سبب إيراد الحديث لا ورود الحديث؛ لأنه هناك فرق بين سبب الإيراد، وسبب الورود، سبب الورود هو الذي بعث النبي -عليه الصلاة والسلام- لقول أو للكلام في هذا الحديث، كسبب نزول الآية، أما سبب الإيراد، ما الذي جعل ابن مسعود يورد هذا الحديث؟ أن عثمان -رضي الله عنه- وهو الخليفة الراشد عرض عليه بنته، عرض على ابن مسعود، وابن مسعود في وقتها عمره أكثر من سبعين سنة، فقال: يا أبا عبد الرحمن: ألا نزوجك فتاة تعيد لك ما مضى من شبابك؟ تصور أكثر من سبعين سنة والخليفة الذي يعرض عليه؛ لأن المقاييس شرعية.

ابن مسعود أيضاً بدوره ما قال: فرصة العمر، لو أطرق أبواب الناس ما زوجت، قال: لا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا معشر الشباب)) يعني ما قال: يا معشر الشيوخ، ففي القصة منقبة للطرفين، وفيها عرض المولية البنت على هذا الرجل الخير، ولا يمنع أن تعرض ابنتك على من تبرأ ذمتك بتزويجه، لكن في الأحوال والظروف التي نعيشها وتغير القلوب؛ لأنك قد تعرض على خير، ثم النتيجة ماذا يقول؟ يقول: لولا أن فيها عيب ما عرضها، أكيد أن فيها عيب، هذه قلوب الناس اليوم إلا من رحم الله، فيعرض بطريقة غير مباشرة، فيتم العرض، لكن بطريقة غير مباشرة؛ لأن الناس يرون في هذا ابتذال، وهو وإن كان شرعي وما في شك أنه منقبة لولي هذه البنت، ومن باب النصح لها، لكن يبقى أن النفوس اليوم قد لا يتحمل كثير من الناس مثل هذا العرض، ولا يحمله على ظاهره، فيكون العرض بطريقة غير مباشرة.

يقول: إشكال أريد أن أفهمه، وهو قيام الرسول -عليه الصلاة والسلام- بأخذ عير وتجارة قريش في غزوة بدر، مع كون الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان مثلاً أعلى في الرفق، وتحمل أذى الناس من قريش وغيرهم، وفي أخذه هذه التجارة يعتبر من قطع الطريق، فكيف نفهم ذلك؟

أولاً: المال مال حربي، لا ذمي، ولا معاهد، ولا مسلم، مال حربي، فلا يقال مثل هذا الكلام.