((إيمان بالله)) هذا هو أصل الأعمال، قد يقول قائل: لماذا قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان؟ لماذا قدم؟ {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [(١١٠) سورة آل عمران] إظهاراً لأهمية هذه الشعيرة التي اختصت بها هذه الأمة، ولعن بنو إسرائيل بتركهم الأمر، {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} [(٧٩) سورة المائدة] فهذه من خصائص هذه الأمة، وهي سبب خيريتها على جميع الأمم، {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [(١١٠) سورة آل عمران] لماذا؟ {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [(١١٠) سورة آل عمران] لو قُدم الإيمان الأمم كلها تتصف بالإيمان، لكن خصيصة هذه الأمة التي بسببها نالت هذه الخيرية هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
((إيمان بالله، وجهاد في سبيله)) يدل على عظم الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى، ولإدخال الناس في الإسلام، تحقيقاً لكون هذا الدين ونبي هذه الأمة رحمة للعالمين، لا للتسلط عليهم، ولا للاستيلاء على أموالهم وأوطانهم وقتلهم، وقتل مقاتليهم، لا الهدف من الجهاد جر الناس إلى الجنة بالسلاسل، بعض الناس لا يدرك مصلحته إلا بأن يرغم على معرفتها والدخول فيها كالجهاد، الجهاد ليس المقصود منه في الإسلام التسلط على الناس ولا قتل الناس، ولا الاستيلاء على أموالهم ولا على أوطانهم، كما هو شأن الأمم الأخرى في قتالهم والتسلط عليهم؛ لأنه قد يقول قائل: الإسلام دين رحمة فلماذا يشرع الجهاد الذي فيه القتل؟ وهذا مما دعا بعض الناس أن يقول: ما في جهاد طلب إنما فيه جهاد دفع، ننتظر إلى أن يأتينا عدو فنجاهده ونقاتله، لا، الكلام ليس بصحيح، حتى جهاد الطلب مشروع في الإسلام، لكن يبقى أنه من أجل نشر هذه الرحمة التي بعث بها محمد -عليه الصلاة والسلام- على العالمين.