ثم تتابع أهل العلم على تدوين السنة فوجدت المصنفات والموطآت والمسانيد في القرن الثاني، ثم ألفت الجوامع بعد ذلك والسنن والمعاجم وتنوع التأليف في السنة، اتخذ أنحاء متعددة فمنها:
المصنفات والموطآت، وهي في محتواها قريبة، كتب مرتبة الأحاديث على الأبواب إلا أنها بالنسبة للمصنفات تكثر فيها الآثار، فبهذا تختلف عن الموطآت.
والموطآت وإن كان فيها آثار إلا أنها أقل من وجودها في المصنفات، والسنن تشترك مع المصنفات والموطآت في الترتيب إلا أنها تندر فيها الآثار، فيقتصر فيها على الأحاديث المرفوعة، والسنن غالباً ما تكون في أحاديث الأحكام بخلاف الجوامع كصحيح البخاري وصحيح مسلم، وغيرهما، جامع الترمذي، هذه فيها جميع أبواب الدين مما يحتاجه المسلم.
فعندنا في الدرجة الأولى من المصنفات الصحاح، وهذه أولى ما يعتني به طالب العلم، بادئاً بصحيح البخاري ثم مسلم؛ لأن جماهير أهل العلم على تفضيل صحيح البخاري على مسلم، والكتابان معاً أصح الكتب المصنفة بعد كتاب الله -سبحانه وتعالى-.
وإن ادعى أبو علي النيسابوري وبعض المغاربة أن صحيح مسلم أفضل وأصح من صحيح البخاري، لكن جماهير أهل العلم على خلاف لهذا القول،
أول من صنف في الصحيح ... محمد وخص بالترجيح
ومسلم بعد وبعض الغرب مع ... أبي علي فضلوا ذا لو نفع
بعد الصحاح هناك أيضاً في المرتبة الثانية صحاح اشترط مؤلفوها الصحة ولم يفوا بشرطهم، أو تساهلوا في تطبيق الشرط، مثل صحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ومستدرك الحاكم وفيها صحيح كثير، إلا أن التساهل ظاهر فيها، وأمثلها ابن خزيمة ثم ابن حبان والحاكم.
يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
وخذ زيادة الصحيح إذ تنص ... صحته أو من مصنف يخص
بجمعه نحو ابن حبان الزكي ... وابن خزيمة وكالمستدرك