للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهنا هذه البئر في منحدر من الأرض فتلقي الرياح والسيول هذه القاذورات في هذه البئر، ولا يظن بالصحابة الذين هم أفضل الأمة، بل أفضل الخلق بعد الأنبياء أن يظن بهم هذا الظن السيئ، بل قال الخطابي وغيره: إنه لا يظن بذمي ولا بمشرك أن يفعل مثل هذا، فضلاً عن أفضل الناس، وأورع الناس، وأتقى الناس لله، وأخشاهم له، فهذه البئر كانت في منخفض من الأرض، يلقي الناس زبلهم قريباً منها، ثم تأتي هذه الرياح والسيول والأمطار فتجترف هذه القاذورات فتقع في هذه البئر، لما سئل عن هذا الماء الذي تقع فيه هذه النجاسات أجاب -عليه الصلاة والسلام- بالجواب العام الذي يشمل هذه البئر وغيرها: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) ((إن الماء طهور)): جنس الماء طهور لا ينجسه شيء، الاستثناء الوارد في حديث أبي أمامة: ((إلا ما غلب على ريحه أو لونه وطعمه)((إلا أن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه))، هذا الاستثناء ضعيف باتفاق الحفاظ، لكن حكمه متفق عليه -مجمع عليه- فقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) مخصوص بالتغير -تغير اللون والطعم والرائحة- فإذا تغير لون الماء أو طعمه أو رائحته بسبب نجاسة ألقيت فيه، لا بسبب طول مكثه، كالآجن، الآجن المتغير بالمكث، يجوز التطهر به، ولم يعرف الخلاف فيه إلا عن ابن سيرين فقد كرهه.

أما المتغير بلون النجاسة أو طعمها أو ريحها من جراء إلقاء هذه النجاسة أو وقوعها فيه من غير قصد فإنه لا يرفع الحدث ولا يزول النجس، بل هو نجس اتفاقاً.

فالحجة على تنجيسه -كما يقول أهل العلم- الإجماع، وليس الاستثناء الوارد في حديث أبي أمامة المخرج عند ابن ماجه والبيهقي وغيرهما.

حديث أبي أمامة ضعفه أبو حاتم بسبب تفرد رشدين بن سعد بروايته وهو ضعيف، قال أبو حاتم: رشدين بن سعد ليس بالقوي والصحيح أنه مرسل، في رواية البيهقي بقية بن الوليد وهو شديد التدليس وقد عنعن.

على كل حال الاستثناء ضعيف باتفاق الحفاظ، وأما أصل الحديث حديث بئر بضاعة فهو صحيح.