وقتها من زوال الشمس إجماعاً إلى أن يصير ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر، ما لم يحضر وقت العصر، وهذه الجملة فيها دليل لجمهور العلماء أنه لا اشتراك بين صلاتي الظهر والعصر في قدر يتسع لأربع ركعات، والإمام مالك -رحمه الله تعالى- يقول: إن هناك من الوقت قدر مشترك يتسع لأربع ركعات، ويستدل بحديث إمامة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن جبريل -عليه السلام- أم النبي -عليه الصلاة والسلام- في اليوم الثاني حينما صار ظل الشيء كطوله هذا بالنسبة لصلاة الظهر، وأمه بصلاة العصر في اليوم الأول حينما صار ظل الشيء كطوله، فدل على أن هذا الوقت حينما يصير ظل كل شيء كطوله، وقت صالح للأداء لصلاة الظهر ولصلاة العصر؛ لأن مفهومه أنه أمه في الوقت نفسه، يعني أمه لصلاة العصر في اليوم الأول حينما صار ظل الشيء كطوله، وأمه في اليوم الثاني بصلاة الظهر حينما صار ظل الشيء كطوله، فدل على أن هناك قدر مشترك في آخر وقت صلاة الظهر، يصلح لأن تؤدى فيه صلاة الظهر، وتؤدى فيه صلاة العصر، وهو الوقت المشترك بين الصلاتين، هذا ما يفيده حديث جبريل، وحديث الباب يقول:((ما لم يحضر وقت العصر))، فدل على أنه لا اشتراك بين الصلاتين في هذا المقدار، دل على أنه مجرد ما ينتهي وقت صلاة الظهر يبدأ وقت صلاة العصر، فلا اشتراك، ولا شك أن هذا الحديث أقوى، لماذا؟ لأنه مخرج في صحيح مسلم، وحديث إمامة جبريل في السنن، فهذا الحديث من حيث الصناعة أقوى، وذكر الترمذي عن الإمام البخاري أن أصح حديث في المواقيت حديث إمامة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فهل نقول: إن قول البخاري أصح يعطي حديث إمامة جبريل من القوة بحيث يرجح على ما خرجه مسلم في صحيحه؟ هذا هو مقتضى أفعل التفضيل، هو مقتضى أفعل التفضيل أنه أصح من حديث عبد الله بن عمرو عند الإمام البخاري، والإمام البخاري لم يخرج هذا ولا ذاك، وهذا الحديث خرجه الإمام مسلم في صحيح تلقته الأمة بالقبول فلا إشكال فيه.