"وكان رجلاً أعمى" الحديث فيه دليل على جواز قبول خبر المؤذن وإن كان واحداً، فالنداء والأذان إعلام، إخبار بدخول الوقت، والمفترض في المؤذن أن يكون ثقة، فإذا أذن قبلنا خبره، إذا أذن الصبح ما تقول: انظر في التقويم، انظر في الساعة، إذا أذن المغرب وهو ثقة لا تقول: انظر في الساعة هل هو بالفعل، أو انظر إلى الشمس هل غابت؟ لا، يقبل خبره ولو كان أعمى، ولو كان أعمى "وكان رجلاً أعمى" في هذا ما يدل على جواز ذكر الإنسان بعاهته إذا كان القصد من ذلك مجرد التعريف، ولم يقصد بذلك شينه ولا عيبه، تقول: جاء الأعمى، راح الأعمى {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [(١) سورة عبس] إيش؟ {أَن جَاءهُ الْأَعْمَى} [(٢) سورة عبس] وهنا "وكان رجلاً أعمى" هل يراد بذلك عيب ابن أم مكتوم؟ أو للحاجة الداعية إلى ذكر هذه العاهة لتعريف السامع بالسبب إذا لم يعرف هذا الشخص، إذا كانت العاهة لها أثر في الخبر كما هنا تذكر، إذا كان الشخص لا يعرف إلا بها كالأعمش والأعرج، ولا يقصد بذلك شينه ولا عيبه جاز، وهذا مستفيض عند أهل العلم، عن الأعمش، وله اسم: سليمان بن مهران، والأعرج له اسم: عبد الرحمن بن هرمز، فإذا لم يقصد بذلك شينه ولا عيبه جاز، وفي أيضاً جواز نسبة الرجل إلى أمه، وهذا كله مقيد بما إذا لم يكن يكره ذلك، أو كانت الأم أشهر من الأب، في قوله -جل وعلا-: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [(٥) سورة الأحزاب] هذا الأصل، فإذا كان يكره النسبة إلى أمه أو كان أبوه أشهر من أمه لا يجوز أن يدعى بأمه، لكن إذا كانت الأم أشهر وأعرف عند الناس لا مانع إذا لم يكن القصد من ذلك الحط من قيمته، ولا التقليل من شأن أبيه ولا ازدراء الأب، إنما هو مجرد التعريف {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [(٧١) سورة الإسراء] في القيامة يدعى الإنسان بأحب الأسماء إليه {بِإِمَامِهِمْ} إيش معنى بإمامهم؟ هل المراد به جمع أم؟ أو المراد به الإمام المتبوع؟