للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"اجعلني إمام قومي، فقال: ((أنت إمامهم)) هذا طلب، طلب الإمامة، يعني هل طلب الإمامة مثل طلب الإمارة المنهي عنه؟ ((يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة)) هل طلب الإمام من هذا الباب؟ "اجعلني إمام قومي" لا شك أن الطلب يتفاوت بحسب القصد، فمن طلب الإمامة قصده ألا تفوته الصلاة، وأن يلتزم وينضبط، يضبط أوقاته، ويراجع حفظه، ولا تفوته الصلاة بخلاف ما لو كان غير إمام مثلاً بعض الناس إذا صار إمام انضبط، وإذا سافر يمين وإلا شمال وإلا ترك الإمامة كثرت مشاغله فخف حرصه، فجاء النهي عن طلب الإمارة، وجاء الخبر بأننا لا نولي هذا العمل من طلبه أو حرص عليه، وهذا في أمور الدنيا، في أمور الدنيا، فإذا طلب الإمامة من أجل المكافئة، نعم لا يجوز، من أجل المكافئة، لكن إذا طلبها لمقاصد صحيحة ليحافظ على حفظه ويزداد من الحفظ وينضبط في صلاته، بعض الناس ما يجتمع قلبه إلا إذا صار إمام، يحرص على ضبط الصلاة إذا صار إمام، إذا صار مأموم يغفل تكثر عنده الغفلة، وبعض الناس العكس، ونظير هذا القارئ في الدرس، بعض الناس إذا وكلت إليه القراءة انشغل بالقراءة فما فهم شيء، وبعض الناس إذا وكلت إليه القراءة انتبه وصار مع الدرس بقلبه وقالبه بخلاف ما لو كان كذلك فإنه يسرح، على كل حال الناس يختلفون أحد إذا كلف بالعمل انضبط، وأحد ..

من باب الاستطراد هل الأفضل الإمام الذي يضبط صلاته لأنه إمام، أو الإمام الذي ينتبه إلى المعاني ويترتب على ذلك وجود السهو في صلاته؟ لأن هناك إمام يندر سهوه؛ لأن أمامه بعض الناس الذين يهابهم، أو الجماعة لئلا يقال كثير السهو، ينضبط، تجده مشدود، ملاحظاً من رواءه، وبعض الناس ينظر إلى حقيقة الصلاة، يتدبر ويتأمل في صلاته، ولذا نص بعض المالكية على أن الإمام الذي يسهو في صلاته، أفضل من الإمام الذي لا يسهو في صلاته، الذي يسهو دليل على أنه لم يلاحظ المخلوق، إنما يتأمل ويتدبر في صلاته، والذي لا يسهو إلا نادراً هذا دليل على أنه ملاحظ للمخلوق، مع أنه قد يلاحظ الخالق ولا يسهو، نعم، إذا اعتنى بصلاته وأقبل إليها بقلبه وقالبه وفرغ قلبه وذهنه من مشاغل الدنيا ضبط صلاته، ولا يلزم أن يكون هذا من ملاحظة المخلوق.