((لا يأخذ على أذانه أجراً)) الأجر والمشارطة في العبادات لا تجوز، ولا مانع من أخذ الجعل من بيت المال، أما بالنسبة للتعليم وقصر النفس عليه والتفرغ له، والانقطاع عن المصالح، والكسب له ولولده فجمهور أهل العلم على جواز أخذ الأجرة عليه، وعمدتهم في ذلك الحديث الصحيح:((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) يعني إذا جاز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، فمن باب أولى أن يجوز أخذ الأجرة على تعليم الحديث، على أن الإمام أحمد -رحمه الله- والحميدي وجمع من أهل التحري يمنعون أخذ الأجرة على الحديث، لكن جمهور أهل العلم على جواز أخذ الأجرة على التحديث؛ لا سيما إذا أفضى إلى انقطاع هذا المعلم من الكسب له ومن تحت يده، بعضهم يفرق بين العلوم الشرعية التي هي عبادات وبين العلوم -علوم الدنيا- أو علوم الوسائل كالعربية مثلاً يجيز أخذ الأجرة على ذلك، وقد عرف من أهل العلم من يأخذ الأجرة على التحديث، وعرف من يأخذ أجرة على تعليم العربية، حتى ذكر عن بعضهم أنه لا يعلم ألفية بن مالك إلا كل بيت بدرهم، كل بيت بدرهم، على كل حال الورع شيء والحكم بالمنع والتحريم شيء آخر.
أما بالنسبة للعبادات المحضة كالإمامة والأذان فالمشارطة والمؤاجرة عليها هذا أمره معروف، لكن إذا جعل له من بيت المال على أن لا يكون الهدف هو هذا الجعل، نعم كونه يستعين به لأنه انقطع وتفرغ هذا أمر ثاني لا بأس به -إن شاء الله تعالى-، والآن يذكر نماذج من الأئمة والمؤذنين من تعلقت قلوبهم بمثل هذه الأجرة، أو بالبيوت التي تعمر للأئمة والمؤذنين، من الطرائف أن إمام مسجد ترك، ترك المسجد، رآه واحد من الجماعة بعد مدة وين يا فلان؟ قال: والله لقيت بيت أكبر شوية فيه زيادة غرفة، مثل هذا يعني الله المستعان هي عبادة، مثل هذا الذي يقول فيه الإمام أحمد:"من يصلي خلف هذا؟! ".
"أخرجه الخمسة, وحسنه الترمذي, وصححه الحاكم" فالخبر أقل أحواله الحسن.
الحديث الذي يليه.
وعن مالك بن الحويرث -رضي الله تعالى عنه- قال: قال لنا النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم)) .. الحديث أخرجه السبعة.