للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف)) يعني إذا وجدت الريح من غير صوت، ومن باب أولى إذا وجد الصوت، ((فلينصرف وليتوضأ, وليعد الصلاة)) في حديث عائشة الذي تقدم ((من أصابه قي في صلاته أو رعاف فإنه ينصرف ويبني على صلاته)) هذاك متكلم فيه، وعرفنا ضعفه فيما تقدم، وهنا ضعيف أيضاً ((وليتوضأ، وليعد الصلاة)) لكن أيهما أولى بالقبول وأقعد إعادة الصلاة أو البناء على ما تقدم؟ إعادة الصلاة أقعد؛ لأنه انتقض الشرط ((فلينصرف وليتوضأ)) قد يخجل ولا ينصرف يكمل الصلاة وهو محدث، هذا ارتكب محرم، من صلى محدثاً مع علمه بذلك أثم اتفاقاً، الحنفية لهم قول شديد في من يصلي من غير طهارة إذا تعمد ذلك ((فلينصرف وليتوضأ، وليعد الصلاة)) إذا حصل منه هذا الحدث بطوعه واختياره فما الحكم؟ سواءً كان خارج الصلاة أو داخل الصلاة؟ وجد أدنى حاجة لإرسال هذه الريح، المساجد تصان عن مثل هذه الأمور، ولذا يمنع منها من أكل الثوم والبصل، فإرسال مثل هذه الأحداث المؤذية التي ينبغي أن تصان عن المساجد إذا وجدت حاجة شديدة هذا أمر ثاني، ولذا يقول ابن العربي في شرح الترمذي مستدلاً بحديث أبي هريرة: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) فسئل أبو هريرة عن الحدث قال: فساء أو ضرط"، قال ابن العربي: "يجوز إرسال الفساء والضراط في المسجد للحاجة" مفاده أنه من غير حاجة لا يجوز؛ لأنه إذا منع من دخول المساجد بالكراث والثوم والبصل ومن باب أولى الدخان وما أشبهه من ذوات الروائح الكريهة، فلأن يمنع من مثل هذا من باب أولى ((فلينصرف وليتوضأ، وليعد الصلاة)) يعني يستأنف من جديد ولا يبني كما جاء في خبر عائشة، وفي كل منهما ضعف، فالحديث وإن كان ضعيفاً ومداره على مجهول إلا أن معناه صحيح.