فمثل هذا الكتاب يذكر في بيان منزلة هذا الإمام العظيم، وليس هو بمعصوم، ولا يعني هذا أن كل ما يقوله هو الراجح لا، لكنه إمام معتبر في هذا الشأن، وهناك رسائل علمية في الدارقطني، وأثره في علوم الحديث أكثر من رسالة، وتناولته البحوث من جوانب متعددة، كما تناولت دراسة كتبه -رحمة الله عليه وعلى جميع أئمة المسلمين-.
يقول: ما معنى على شرط الشيخين أو على شرط مسلم وما شابه ذلك؟
المسألة الخلاف فيها طويل جداً، فالحازمي له قول، ابن طاهر له قول، من جاء بعدهم لهم أقوال، أول من صنف في شروط الأئمة الحازمي وابن طاهر، ثم تتابع من كتب في علوم الحديث في بيان شرط الشيخين، وأصل ذلك ما شهره الحاكم في مستدركه من قوله كثيراً:"على شرط الشيخين"، "صحيحٌ على شرط البخاري"، "صحيحٌ على شرط مسلم"، "حديث صحيح" يعني لا على شرط أحدهما.
فيرى الحازمي أن شرط الشيخين بعد أن قسم الرواة إلى طبقات، فالطبقة الأولى: من اتصفوا بالحفظ والضبط والإتقان مع ملازمة الشيوخ، والثانية: من وافقوا الأولى في الحفظ والضبط والإتقان مع خفة ملازمة الشيوخ، والثالثة العكس من لازموا الشيوخ لكنهم أخف في حفظهم وضبطهم وإتقانهم، ثم نزل بعد ذلك، الذي يهمنا الطبقات الثلاث الأولى؛ لأن فيها شرط الشيخين.
فالأولى: شرط البخاري، وقد يتنقي من أحاديث الطبقة الثانية، والثانية شرط مسلم وقد ينتقي من أحاديث الطبقة الثالثة، هذا قول.
قول ابن طاهر: شرط الشيخين التخريج لمن أجمع على ثقته، وكلا القولين لا يسلم من مؤاخذات ومنقاشات، لكن المتأخرين رجحوا كما هو الواقع، ودعموه بالأدلة أن المراد بشرط الشيخين رجالهما على الصورة المجتمعة، إيش معنى هذا الكلام؟ أن البخاري إذا خرج حديثاً من طريق فلان عن فلان عن فلان عن فلان إذا وجد هذا الإسناد في أي كتاب على هذه الصورة فهو على شرط البخاري، ومثله ما كان على شرط مسلم، وإذا خرج البخاري ومسلم لهذه الصورة المجتمعة فوجدنا حديثاً مخرجاً بهذه السلسلة على الصورة المجتمعة في غيرهما من الكتب قلنا: على شرط الشيخين، فشرطهما رواتهما.