المقصود أن سلف هذه الأمة ضربوا بنصيبٍ وافر من كثرة النوافل، امتثالاً لمثل هذا التوجيه ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) فالكثرة مطلوبة، والاستكثار من التعبد لا يدخل في حيز البدعة مهما كثرت، إذا جاء على وجهٍ مشروع، في الضحى مثلاً صليت عشر تسليمات عشرين تسليمة ثلاثين ما الذي يمنعك؟ بين العشاءين، بعد صلاة العشاء، بين صلاة الظهر والعصر، ما الذي يمنعك من الإكثار من الصلوات إذا لم يكن ذلك عائقاً بين مصالحك الدينية والدنيوية؟ ما هو أهم من ذلك من النفع المتعدي والأمور الواجبة، فالإكثار من التعبد ليس ببدعة امتثالاً لمثل هذا التوجيه، وعليه سلف هذه الأمة، ثبت عن عثمان -رضي الله عنه- أنه يقرأ القرآن في ركعة، من يقول: إن عثمان مبتدع، وثبت عنهم أنهم يصلون أعداد من الركعات، وهذا الحديث أصل في مثل هذه المسألة ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) وجاء من حديث صحيح: ((أفضل الصلاة طول القنوت)) يعني: القيام، المراد بالقنوت القيام، فهل الأفضل أن يطيل المصلي القيام ويطيل القراءة كما حفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى في ركعة بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران، أطال القيام، يعني خمسة أجزاء في ركعة، كانت قراءته -عليه الصلاة والسلام- مد، ترتيل، ولا يمر بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية عذاب إلا استعاذ وهكذا.
فمتصور أن تكون هذه الركعة ساعتين مثلاً فهل الأفضل أن يطيل المصلي القيام أو يكثر السجود؟ يقصر القيام يعني بدلاً من أن يصلي تسليمة يصلي عشر تسليمات والوقت واحد؟ وقل مثل هذا في الأفضل: هل يقرأ في ساعة جزء واحد من القرآن أو خمسة أجزاء؟ ما الأفضل في الصلاة أن تطيل القيام والركوع والسجود مع تقليل العدد أو تكثر العدد مع تخفيف الكيفية؟ هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، حديث الباب يدل على أن الكثرة أفضل، الكثرة أفضل ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) وفعله -عليه الصلاة والسلام- حينما قام حتى تفطرت قدماه وقرأ الخمسة الأجزاء في ركعة {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [(٢) سورة الملك] ما قال: أكثر، كل هذا يقتضي أن يكون إطالة القيام مع إطالة الركوع وإطالة السجود أفضل، وحديث الباب يدل على كثرة السجود.