يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا عبد الله)) يعني يا عبد الله بن عمرو يخاطبه ((لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل)) متفق عليه" وهذا يدل على أهمية قيام الليل وفضل قيام الليل، ويدل أيضاً على فضل المداومة على العمل، المداومة على العمل الصالح، وأن من عمل عملاً صالحاً عنده فيه حجة شرعية لا ينبغي له أن يتركه؛ لأن الترك نكوص عن الحق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا عمل عملاً أثبته، لكن ما يمنع أن يكون الشخص يعمل العمل في وقت نشاط، ثم يفتر عنه، ثم يعود إليه، ولا يمنع أن يتركه إلى أهم منه، قد يلزم الإنسان عمل يداوم عليه من النوافل ثم يرى أن غير هذا العمل أفضل منه، مثال ذلك: لو أن أحداً من أهل العلم لزم عبادة من العبادات، صيام نوافل مثلاً، قيام الليل، صلاة أعداد من الركعات أثناء النهار، ثم رأى أن هذا العمل يعوقه عن تعليم الناس الخير، أو رأى أن مثل هذا العمل يضعفه عن عمله المنوط به، ثم ترك بعضه وخفف، يعني هل الأفضل للعالم مثلاً أن يقرأ القرآن كل يوم، يختم كل يوم، أو يخفف من القراءة ويعلم الناس الخير؟ لو كان ديدنه يقرأ القرآن في ثلاث، لكن قراءته القرآن في ثلاث تعوقه عن بعض الدروس، عن بعض التصدي لقضاء حوائج الناس، لا سيما إن كان ممن يحتاج إليه، أو إفتاء الناس وتوجيههم، ألا يقال له: اقرأ القرآن في سبع وعلم الناس الخير، يقول: يا أخي أنا معتاد سأقرأ في ثلاث، وترك العمل مذموم، نقول: نعم إذا تركته لما هو أفضل منه لا تذم.
أما هنا يقول:((يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل)) نعم قيام الليل دأب الصالحين، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((نعم الرجل عبد الله -ابن عمر- لو كان يقوم من الليل)) فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً، قيام الليل دأب الصالحين، والله المستعان.