((أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء)) تباً لمن كان هذا همه، لا يحضر إلى الصلاة إلا من أجل هذه الأمور اليسيرة، وسيأتي أن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر في الحديث الذي يليه، في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر)) ولو وجد هؤلاء المنافقون أمور يسيرة من حطام الدنيا لتجشموا المصاعب للحضور، أثقل الصلاة على المنافقين، الصلاة كلها ثقيلة على المنافقين {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى} [(١٤٢) سورة النساء] الكسلان عن أي عمل من الأعمال العمل عليه ثقيل، لكن أثقل هذا الثقيل صلاة العشاء وصلاة الفجر، لماذا؟ لأن الذي يبعث على العمل هو الطمع إما في أجر أخروي أو في أجر دنيوي، الذي يبعث على العمل الطمع، لا يطمعون في أجر الآخرة، وإذا قاموا إلى الصلاة إنما قاموا رياءً وصلاة العشاء وصلاة الفجر إنما تقعان في الظلام، العشاء في الظلام، الصبح في الظلام، وهم إنما يصلون رياء الناس والناس لا يرونهم، إذن الباعث الديني مفقود والباعث الدنيوي مفقود، ولو علم هؤلاء ((لو يعلمون ما فيهما)) يعني من الأجر العظيم ((لأتوهما)) أعني صلاة الصبح وصلاة العشاء، يعني صلاة الصبح وصلاة العشاء، ((ولو حبواً)) على اليدين والركبتين "متفق عليه".
ولما علم الصحابة ما في الصلوات من الأجور أتوا إليها وهم يهادون، يأتي الرجل وهو يهادى بين رجلين من المرض والتعب؛ لأنه يعلم بالأجر، ومصدق بوعد الله -جل وعلا-، الذي يصدق بالوعد يعلم الوعد ويصدق به ينفذ، ما الذي يمنعه؟ لأنه إذا وازن بين المصالح والمفاسد وجد أن المسألة لا مقارنة، لا مقارنة، لكن إنما يتخلف من يشكك أو يشك في ثبوت هذا الوعد، أو لا يصدق به أصلاً كالمنافقين والكفار، فإذا اجتمع التصديق بثبوته مع ابتغائه وطلبه حصل الحضور إلى الصلاة ((ولو يعلمون ما فيهما)) يعني في فعلهما والإتيان إليهما من الأجر ((لأتوهما)) أتوهما إلى أين؟ إلى المسجد حيث ينادى بها ((ولو حبواً)) أي مشياً على اليدين والركبتين كما يفعل الطفل، حرصاً على هذا الأجر المرتب عليهما.