على كل حال الحنابلة عرفنا مذهبهم، إذا ابتدأت الصلاة من قعود، والإمام إمام الحي، لا يؤتى بإمام طارئ يصلي بالناس لا ميزة له على غيره، فلا بد أن تبتدئ الصلاة من قعود، والإمام علته يرجى برؤها، فإنه يلزمه القعود عملاً بهذا الحديث.
المالكية ماذا يقولون؟ المالكية يقولون: لا تصح إمامة القاعد، كيف لا تصح إمام القاعد؟ يرون في ذلك حديث:((ولا تتابعوه في القعود)) ((لا يؤمن أحد بعدي قاعداً قوماً قياماً)) وهذه أحاديث ضعيفة لا تقاوم مثل هذا الحديث، فعندهم لا تصح إمامة القاعد لا من قيام ولا من قعود.
الحنفية والشافعية يقولون: تصح إمامة القاعد، لكنه لا يتابع على القعود استدلالاً بما سيأتي في قصة مرض النبي -عليه الصلاة والسلام- وصلاة أبي بكر، وافتتاح أبي بكر الصلاة بالناس من قيام، ومجيء النبي -عليه الصلاة والسلام- وجلوسه عن يساره والمأموم قيام؛ لأن الصلاة افتتحت من قيام فتكمل قيام، ومثل هذه الصورة تخرج بالقيد الأول عند الحنابلة، الحنفية والشافعية يرون أن هذا الحديث منسوخ، منسوخ بما فعله -عليه الصلاة والسلام- في آخر أمره في مرض موته، وهذا الحديث سيأتي، وبقية المباحث نتركها إلى الحديث اللاحق -إن شاء الله تعالى-.
هناك أشياء لم يشر إليها في الحديث لكنها معلومة:((ولا تسجدوا حتى يسجد)) ((وإن صلى قائماً)) وإلا إيش .. ؟ إلى آخره، لكن السلام؟ يتقدم على الإمام بالسلام؟ ((لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالانصراف)) فلا يجوز أن يسلم المأموم قبل سلام إمامه.
الحديث الذي يليه: حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى في أصحابه تأخراً فقال لهم .. " لكن لو قدم المؤلف -رحمه الله تعالى- الحديث الثاني عشر قبل هذا لكان أولى.
يقول:"عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى في أصحابه تأخراً، فقال لهم:((تقدموا فأتموا بي, وليأتم بكم من بعدكم)) رواه مسلم".