للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى الجملة فكلُّ عاقلٍ يَعلم بَوْنَ ما بين الخبرِ بالجملة مع "الذي"، وبينَها مع غيرِ "الذي". فليس مِنْ أَحَدٍ به طِرْقٌ إلاَّ وهو لا يَشكُّ أنْ ليس المعنى في قولك: (هذا الذي قَدِمَ رسولاً من الحَضْرة) كالمعنى إذا قلتَ: (هذا قدِمَ رسولا مِن الحَضْرة)؛ ولا: (هذا الذي يَسْكُن في محلَّةِ كذا). كقولك: (هذا يَسكنُ محلةَ كذا)، وليس ذاك، إلاَّ أنك في قولك "هذا قدم رسولاً من الحضرة" مبتدىءٌ خبَراً بأَمرٍ لم يَبْلْغِ السامعَ ولم يبلَّغْهُ، ولم يَعلَمْه أصلاً، وفي قولك: (هذا الذي قدِم رسولا) مُعْلِمٌ في أمرٍ قد بلَغَه أنَّ هذا صاحبُه، فلَم يَخْلُ إذن من الذي بدأنا به في أمْر الجملة مع "الذي"، مِنْ ينبغي أن تكون جملةً قد سبَقَ مِن السامع عِلْمٌ بها، فاعرْفه! فإِنَّه من المسائل التي مَن جَهلهَا، جَهِلَ كثيراً من المعاني ودخلَ عليه الغَلَظْ في كثيرٍ من الأمور، والله الموفِّق للصواب.

<<  <   >  >>