للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنْ قلتَ: فلِمَ صار لا يَلْزمُ على هذا التقديرِ ما لَزِمَ عَلَى قولِ مَنْ قدَّر "ولا تَقولوا آلهتنا ثلاثةٌ"؟ فذاكَ لأنَّا إذا جعَلْنا التقديرَ: ولا تقولوا لنا أو في الوجود آلهةٌ ثلاثةٌ أو ثلاثةُ آلهةٍ، كنَّا قد نَفَيْنا الوجودَ عن الآلهةِ كما نفَيْناه في "لا إله إلا الله، وما مِنْ اله إلاَّ الله". وإذا زعَموا أنَّ التقديرَ "ولا تقولوا آلهتُنا ثلاثةٌ" كانوا قد نَفَوْا أَنْ تكونَ عِدَّةُ الآلهةِ ثلاثةً، ولم يَنْفُوا وُجودَ الآلهة. فإنْ قيل: فإنَّه يَلزَمُ على تقديركَ الفسادُ من وجْهٍ آخرَ، وذاكَ أنه يَجوزُ إذا قلتَ "ليس لنا أمراءُ ثلاثةٌ" أنْ يكونَ المعنى: (ليس لنا أمراءُ ثلاثةٌ ولكنْ لنا أميرانِ اثنانِ) وإذا كان كذلكَ، كان تقديرُكَ وتقديرُهُمْ جميعاً، خطأً. قيل إنَّ ههنا أمراً قد أغْفَلْتَه، وهو أنَّ قولَهم: آلهتُنا: يُوجِبُ ثُبوتَ آلهةٍ، جلَّ اللهُ وتعالى عَمَّا يقولُ الظالمونَ عُلوًّا كبيراً. وقولُنا: (ليس لنا آلهةٌ ثلاثةٌ)، لا يُوجبُ ثبوتَ اثنينِ البتةَ. فإنْ قلتَ: إن كان لا يُوجبُه، فإنَّه لا يَنْفِيه، قيل: يَنْفيهِ ما بَعْدَهُ مِنْ قولِه تعالى: {إِنَّمَا الله إلاه وَاحِدٌ} [النساء: ١٧١].

<<  <   >  >>