للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كحالهِ في قولك: (أنا مضياف). وأَنَّك إذا قلتَ: (رأيتُ أسداً): لم يكنِ الأمرُ أقوى من أَنْ تقولَ: (رأيتُ رجلاً هو من الشجاعة بحيثُ لا ينقصُ عن الأَسد). ولم تكنْ قدَّرتَ في المعنى بأنِ ادَّعيتَ له أنَّه أسَدٌ بالحقيقة ولا بالغْت فيه؛ وحتى يَزْعمُوا أنه لا فضلَ ولا مزيةَ لقولهم: (أَلقيتُ حَبْلَه على غارِبِه): على قولك في تفسيره: (خلَّيتُهُ وما يريدُ وتركْتُه يفَعلُ ما يشاءُ). وحتى لا يَجعلوا لِلمعنى في قوله تعالى: {وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ العجل} [البقرة: ٩٣] مزيةً على أن يقال: (اشتدَّتْ محبتُهم للعجْلِ وغلَبَتْ على قلوبهم)، وأن تكونَ صورةُ المعنى في قوله عزَّ وجل {واشتعل الرأس شَيْباً} [مريم: ٤] صورتَه في قول من يقول: (وشابَ رأسي كلُّه وأبيضَّ رأْسي كلُّه)، وحتى لا يَرَوْا فرْقاً بين قوله تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ} [البقرة: ١٦] وبين: (فما رَبِحوا في تجارَتِهم)، وحتى يَرْتكبوا جميعَ ما أرَيْناك الشَّناعةَ فيه، من أنْ لا يكونَ فرْقٌ بين قول المتنبي:

وتأبى الطباعُ على الناقلِ

وبين قولهم: (إنك لا تَقدِرُ أن تغيِّر طبَاعَ الإنسان)، ويَجْعلوا حالَ المعنى في قول أبي نواس [من السريع]:

ليسَ على اللهِ بمستنكَرٍ ... أنْ يَجْمَع العالَمَ في واحدِ

<<  <   >  >>