على كل حال مذهب الإمام مسلم من حيث العمل، والعمل جارٍ عليه، وأطال في نصره والتشديد على المخالف حتى رماه بأنه يحاول الطعن في السنة، الذي يخالف ويشترط اللقاء؛ لأن أكثر الأحاديث لا توجد مروية إلا بالعنعنة، ولم يذكر أن الراوي ثبت لقاؤه لمن روى عنه، ويُذكر أن أول من صرح بأن المراد البخاري أو علي بن المديني هو القاضي عياض في إكمال المعلم شرح صحيح مسلم، وهذا في رسالة طبعت أخيراً لم أتمكن من الإطلاع عليها.
وصححوا وصل معنعنٍ سلمْ ... من دلسة راويه واللقا علمْ
هذا القول الأول: أنه لا بد من ثبوت اللقاء، وهو الذي قرره ابن الصلاح والحافظ العراقي وجمع من أهل العلم، هذا القول الثاني وهو قول الإمام مسلم والذي نصره في مقدمة الصحيح أنه لا يشترط اللقاء، تكفي المعاصرة، لكن مع عدم استحالة اللقاء، يعني مع إمكان اللقاء، أما إذا عرفنا أن شخص عاش في أقصى المشرق والآخر في أقصى المغرب فلا يحكم له بالاتصال، لذا ذكر الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في شرح البخاري أن العلماء يحكمون بالانقطاع بتباين البلدان، يعني إذا عرف أن هذا الراوي عاش بالمشرق والآخر عاش بالمغرب ولم يعرف أنهما حجا في سنةٍ واحدة، هذا الذي يغلب على الظن أنهما ما لقيا أحدهما الآخر، والسماع حينئذٍ غير متأكد.