حدثنا وأخبرنا من صيغ الأداء، فحدثنا يؤدي بها من سمع من لفظ الشيخ، وأخبرنا من كانت روايته عن الشيخ بطريق العرض، يعني قرأ على الشيخ، فيقول: أخبرنا، هذا عند من يفرق بين صيغ الأداء، كالإمام أحمد ومسلم وغيرهما، وأما من لا يفرق كالبخاري مثلاً فلا فرق عنده بين أخبرنا وحدثنا، والإخبار والتحديث بمعنىً واحد في الأصل، إلا أن الإخبار أوسع من التحديث، فالتحديث لا يكون إلا بالمشافهة والإخبار يكون بالمشافهة وبالإشارة وبالمكاتبة فهو أعم من التحديث، و (عن) هي صيغة من صيغ الأداء محمولة على الاتصال بالشروط المعروفة عند أهل العلم، وهي لا تستعمل في طريقٍ معين من طرق التحمل، يعني ليست مخصوصة للسماع من لفظ الشيخ، أو القراءة على الشيخ، كما أنها بلفظها لا تفيد الإجازة، ولا المناولة، وإن كثر استعمالها في الأزمان المتأخرة فيما روي بطريق الإجازة، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
وكثر استعمال عن في ذا الزمن ... إجازةً وهي بوصلٍ ما قمن
يقول: انتقادات الدارقطني للشيخين هل هي في أصل الصحة؟
معروف أن الشيخين يخرجان أحاديث من طرق متعددة، فقد يضعف الدارقطني ويستدرك على الشيخين في بعض هذه الطرق، والحديث وإن كان مروياً من طرق أخرى وغالب هذه الأحاديث المنتقدة هي في الشواهد والمتابعات لا في أصول الأحاديث التي اعتمد عليها.
يقول: وكيف نفرق بين الشواهد؟ يقول: هل الرجال الذين أخرج لهم الشيخان في الشواهد والمتابعات محتج بهم؟ ويكونون من رجالهما؟
شرط الشيخين أعلى درجات الصحة، هذا في الأحاديث الأصول المحتج بها، قد يخرجان الحديث للاستشهاد والمتابعة أو لبيان سماع، أو لعلوٍ في إسناد فينزلان حينئذٍ عما اشترطاه من قوةٍ في الضبط والحفظ والإتقان وملازمة الشيوخ، ينزلون إلى الدرجة التي تلي هذه الدرجة ممن خفت ملازمتهم للشيوخ، أو نزل ضبطهم عن منهم من رجال الطبقة العليا، وعلى كل حال متون الصحيحين لا كلام فيه.