البخاري يقول: تابعه فلان وفلان، أو فلان عن فلان، فنعرف المتابعِ والمتابَع صراحةً، لكن مسلم يسوق الأحاديث متتابعة في الباب الأول من غير تمييزٍ بين الأصل والمتابع، منهم من يقول: أن الأصل هو الذي صدر به الباب، لكن هذا ليس بلازم وليس بمضطرد، قد يسوق في أول الباب ما سيبين علته في الرواية التي تليه، فليس بمضطرد أن أول ما يسوقه الإمام مسلم هو الأصل وما بعده شاهد ومتابع.
يقول: إذا قلنا: أن البخاري يشترط اللقي في أصل الصحة فمعنى هذا أنه سيضعف بعض الأحاديث التي عند مسلم؛ لأنه يكتفي بالمعاصرة؟
أولاً: مسألة اشتراط اللقاء مسألة نزاع عند أهل العلم، وهل يشترطها في صحيحه أو للصحة مطلقاً أيضاً؟ قولان لأهل العلم، وإذا اشترطها في أصل الصحة، وخرج مسلم حديثاً يعني على سبيل التنزل، إذا اشترط البخاري اللقاء في أصل الصحة وخرج مسلم حديثاً لم يثبت لقاء الراوي ممن روى عنه مع إمكان اللقاء فليكن الحديث غير متصل في نقد البخاري، وبينهما خلاف، خرج مسلم أحاديث أعرض عنها البخاري، وخرج البخاري أحاديث أعرض عنها مسلم، وكل منهما إمام معتمد ومعتبر له نقده ومنهجه في النقد.
ومثلنا فيما اختلف فيه قول الإمام البخاري مع قول الإمام أحمد، وهؤلاء الأئمة لا يلزم أحدهم بقول بعضهم أبداً، كل إمام معتبر له قيمته عند أهل العلم.
يقول: هل الأحاديث المعلقة المجزوم بها عند البخاري تكون على شرطه إلى من جزم بها؟
على كل حال هو ضمن من طواه ولم يذكره فهي صحيحة إلى من علق عنه، ولا يلزم أن تكون على شرطه، وإنما تكون صحيحة؛ لأنه في الصحيح احتاط لمن يخرج لهم في الصحيح، ولا يعني هذا أنه يشترط في أصل الصحة قدر زائد على ما يشترطه أهل العلم في غير الصحيح.
يقول: وما حكم باقي السند عند البخاري؟
باقي السند خاضع للنقد، فمن ما علقه البخاري في صيغة الجزم ما هو على شرطه، ومنها الصحيح الذي هو لا على شرطه بل مخرج في مسلم، وعلى كل حال يبقى النظر فيمن أبرز من رجال السند.