قال ابن الصلاح: ويشكل على هذا حديث (الأعمال بالنيات) فإنه تفرد به عمر، عن علقمة، وعنه محمد بن إبراهيم التيمي، وعنه يحيى بن سعيد، في أربع طبقات حصل التفرد، يعني لم يروه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بإسنادٍ يصح سوى عمر -رضي الله عنه-، ولم يروه عن عمر إلا علقمة بن وقاص الليثي، ولم يروه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، ولم يروه عن محمد بن إبراهيم التيمي إلا يحيى بن سعيد الأنصاري وعنه انتشر حتى قال: إنه روي من نحو سبعمائة طريق عن يحيى بن سعيد، وهذا حكاه شيخ الإسلام الهروي، شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: أنه شيخ الإسلام، ذكر في بعض كتبه، قال: شيخ الإسلام الهروي، ابن القيم يقوله، وإن كان عنده ما عنده من المخالفات، منهم من يقول: أنه روي من مائتي طريق، ومنهم من يقول: أنه أكثر أو أقل، لكن الحافظ ابن حجر -رحمه الله- يشكك في هذه الأعداد، يقول: أنا أستبعد صحة هذا القدر، وأن من بداية الطلب -يقول الحافظ-: حرصت على جمع الطرق، طرق الحديث فما قدرت على تكميل المائة، مع أنه جمع طرق بعض الأحاديث فبلغت أكثر من ذلك.
على كل حال الحديث غريب، تفرد به عمر وعنه علقمة، وعنه محمد بن إبراهيم وعنه يحيى بن سعيد، في أربع طبقات حصلت الغرابة المطلقة، مثله آخر حديث في الصحيح نظيره، مطابق له:((كلمتان خفيفتان على اللسان)) لم يروه إلا أبو هريرة، ولم يروه عن أبي هريرة إلا أبو زرعة ابن عمرو بن جرير البجلي، ولم يروه عنه إلا عمارة بن القعقاع، ولم يروه عنه سوى محمد بن الفضيل وعنه انتشر، المطابقة تامة بين أول حديث وآخر حديث في الصحيح، فكيف نقول: أن تفرد الثقة شذوذ؟ نعم على قول من يقول: في الصحيح ما هو صحيح شاذ، أما إذا قلنا: أن الشاذ من نوع الضعيف فلا يمكن أن نقول بحالٍ من الأحوال أن مجرد التفرد شذوذ، وإن ساعدت اللغة على ذلك، لكن إذا قلنا: أن من الصحيح ما هو صحيح شاذ ....