الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- في حده للشذوذ: وهو أنه ما اجتمع فيه الأمران: ثقة الراوي مع قيد المخالفة وهو -رحمه الله تعالى- يكرر في مواضع يقول: لأن العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد في مواضع من كتبه، العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، هذا إذا تفرد فكيف إذا خالف؟ قول الإمام الشافعي حكاه أبو يعلى الخليلي في الإرشاد عن جماعة من الحجازيين وعن جمعٍ من المحققين، قال: يعني الخليلي: والذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد، يشذ به الراوي ثقةً كان أو غير ثقة، فيتوقف ما شذ به الثقة ولا يحتج به، يعني ولا يرد مباشرة، ويرد ما شذ به غير الثقة، الخليلي ما اشترط المخالفة، ولا اشترط أيضاً ثقة الراوي، إنما اشترط التفرد، كل تفرد شذوذ.
الحاكم في معرفة علوم الحديث ما اشترط المخالفة، إنما اشترط التفرد مع كون الراوي ثقة، هو يقول: هو الذي يتفرد به الثقة وليس له متابع، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
وذو الشذوذ ما يخالف الثقة ... فيه الملا فالشافعي حققه
والحاكم الخلاف فيه ما اشترط ... وللخليلي مفرد الراوي فقط
(والحاكم الخلاف فيه ما اشترط) إنما اشترط ثقة الراوي مع التفرد، (وللخليلي مفرد الراوي –ثقةً كان أو غير ثقة- فقط).
يشكل على قول الحاكم والخليلي ما في الصحيحين من الغرائب مما تفرد به بعض الرواة، كحديث (الأعمال بالنيات) حديث (النهي عن الولاء وعن هبته) آخر حديث في الصحيح: ((كلمتان خفيفتان على اللسان)) فرد مطلق، كيف نقول: أن هذا شاذ؟ هل نستطيع أن نقول: أن حديث (الأعمال بالنيات) شاذ؛ لأنه تفرد به الراوي الثقة؟ وهو شاذ على قولي الحاكم والخليلي؛ لكنه ليس بشاذ على ما قرره وحققه الإمام الشافعي؛ لأنه ليس بمخالف، وهكذا غرائب الصحيحين.