كما يقال: "تفرد به أهل الشام أو العراق أو الحجاز أو نحو ذلك، وقد يتفرد به واحد منهم فيجتمع فيه الوصفان، والله أعلم، وللحافظ الدارقطني كتاب في الأفراد في مائة جزء, ولم يسبق إلى نظيره، وقد جمعه الحافظ محمد بن طاهر في أطراف رتبه فيها.
النوع السادس عشر: في الأفراد، ومثلها الغرائب، ويرى ابن حجر أن الفرد والغريب مترادفان لغةً واصطلاحاً، إلا أن أهل الحديث غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته، الفرد والغريب مترادفان لغةً واصطلاحاً، هل كلام الحافظ صحيح؟ الفرد هو الغريب في اللغة؟ اللغة لا تساعد، الفرد ما انفرد عن غيره، والغريب وإن اجتمع بغيره، وإن كان مع غيره فهو غريب، قد يوصف الشخص بالغربة وإن كان بين الناس، وأما التفرد فهو شيءٌ آخر، فهو الانفراد عن الناس.
أما تغايرهما في الاصطلاح فالفرد أكثر ما يطلقه أهل العلم على الفرد المطلق، وما كانت الغرابة والتفرد فيه في أصل السند، طرفه الذي فيه الصحابي، والغريب أكثر ما يطلقونه على غرابة نسبية، من كانت الغرابة في أثناء السند، فبهذا نعرف أن أنواع التفرد اثنان: الفرد المطلق والفرد النسبي، والنسبي يطلق بإزاء التفرد في أثناء السند في غير طرفه الذي فيه الصحابي، وفي غير أصل الحديث ومنشأه ومنبعه، ويطلق أيضاً بالنسبة لتفرد أهل بلدٍ به هذا تفرد نسبي، وإن رواه جمعٌ من غيرهم، وأيضاً يطلق التفرد النسبي بالنسبة لراوٍ من الرواة يتفرد بالرواية عنه راوٍ واحد، وإن رواه جمعٌ عن غيره، ويطلق التفرد النسبي بالتفرد به عن ثقةٍ من الثقات وإن رواه جمعٌ عن غير هذا الثقة، فإذا تفرد أهل بلد أهل البصرة برواية حديث ولو كثر عددهم قيل: هذه سنة تفرد بها أهل البصرة، إذا روى مالك حديث وتفرد به راوٍ من الرواة عن مالك يقال: تفرد به عن مالك فلان وإن رواه جمعٌ عن غير مالك وهكذا، فالتفرد تارةً ينفرد به الراوي عن شيخه كما تقدم، أو ينفرد به أهل قُطرٍ كما يقال: تفرد به أهل الشام، أو العراق أو الحجاز أو نحو ذلك.