فالذي يظهر -والله أعلم- أن الأئمة الموصوفين بالخبرة والاطلاع والإحاطة بالمرويات، ومعرفة أحوال الرواة مع الاتصاف بالديانة والإنصاف والاعتدال في الرأي أنهم يقبل قولهم في الجرح والتعديل من غير ذكرٍ للسبب، والله أعلم.
طالب:. . . . . . . . .
هذا يقول: الذي. . . . . . . . . سبر أحاديث الراوي. . . . . . . . . أحاديثه ومروياته. . . . . . . . . فهل هذا نقول له أو نعيب عليه؟
لكن هل مروياته وسبرها يكفينا في إثبات عدالة الراوي وضبطه؟ نعم إذا كفى في إثبات الضبط، وعرفنا أنه يوافق الرواة عددناه ضابطاً، لكن عدالته؟ لا بد من أن ينص عليها أهل العلم، وأهل الخبرة به، فلا يكفي أن يقال: لا يمكن الاستغناء بحال عن معرفة أقوال أهل العلم في كل راوٍ راوٍ على حدة، لا يمكن أن يستغني أحدٌ عن معرفة أقوال أهل العلم، فبواسطتهم نعرف أحوال الرواة، نعم.
قال: أما إذا تعارض جرحٌ وتعديل فينبغي أن يكون الجرح حينئذٍ مفسراً، وهل هو المقدم أو الترجيح بالكثرة أو الأحفظ؟ فيه نزاعٌ مشهور في أصول الفقه وفروعه وعلم الحديث، والصحيح أن الجرح مقدمٌ مطلقاً إذا كان مفسراً، والله أعلم.
إذا تعارض الجرح والتعديل من أكثر من إمام، فحكم بعدالته وثقته أئمة، وحكم بضعفه آخرون، لو حكم بعدالة الراوي أئمة، وحكم به آخرون هذه مسألة، المسألة الأخرى: فيما إذا تعارض قول الإمام الواحد، فعدله في بعض أقواله، وجرحه في قولٍ آخر له، ما الذي يقدم؟ أما إذا كان الجرح مفسراً فلا تردد في تقديمه؛ لأن مع الجارح زيادة علم خفيت على المعدل، فإذا قال أحمد: فلان ثقة، وقال يحيى بن معين: ضعيف؛ لأنه يشرب الخمر، أو قال علي بن المديني: ضعيف لأنه يروي مناكير، جرح مفسر، حينئذٍ نقدم الجرح لأنه مفسر، ومع الجارح زيادة علم خفيت على المعدل، الجارح يوافق المعدل فيما يقول ويزيد عليه، أما المعدل فقد يخفى عليه من أمره ما عرفه الجارح.