فتيا العالم إذا سئل عن مسألة فأفتى بمضمون حديث، أو عمل بمضمون حديث من غير ذكرٍ لهذا الحديث، قيل له: ما حكم كذا؟ قال: لا يجوز، وفي الباب حديثٌ يوافق هذه الفتيا، هل يعد تصحيح لهذا الحديث؟ ومثله لو قال: لا يجوز، وفي الباب حديث هل يعتبر تضعيف لهذا الحديث؟ يقول:"لا يستلزم تصحيحه له، قلت: وفي هذا نظر إذا لم يكن في الباب غير ذلك الحديث، أو تعرض للاحتجاج به" قال: لا يجوز لقول النبي -عليه الصلاة والسلام- كذا، يكون استدلاله بالخبر وذكره إياه وجزمه بنسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد ذكر الحكم يقتضي تصحيحه إياه، "أو استشهد به عند العمل بمقتضاه" رآه أحدٌ يعمل عملاً يقدم ركبتيه فقال: في حديث أبي هريرة كان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، فهمنا أنه يقوي هذا الحديث، قواه بفعله، واستشهد به، ولو قواه بفعله فقط، فعله من دون استحضار هذا لا يعتبر تصحيح، وكذلكم لو استشهد أو عمل بحديث أو عمل بحكم وفيه مجموع أحاديث لا يقتضي حكمه أو عمله أو فتياه بمقتضى هذه الأحاديث تصحيح كل حديث حديث من هذه الأحاديث، بل قد يكون عمل بمجموع هذه الأحاديث.
"قال ابن الحاجب: "وحكم الحاكم المشترط العدالة تعديلٌ باتفاق" القاضي حينما يؤتى له بشاهد أو بشاهدين يحكم بموجب شهادتهما، هذا القاضي هل يتصور أنه يجرح هذين الشاهدين وقد عمل بمقتضى شهادتهما؟ لا، تعديل، هذا تعديل من القاضي لقبول شهادتهما؛ لأنه لا يتصور أن يغفل عن حالهما وهما أمامه، مع إمكانه أن يعرف ويستخبر لو كان يجهل فيطلب المزكين، "وأما إعراض العالم عن الحديث المعين بعد العلم به فليس قادحاً في الحديث باتفاق"، يعني كون العالم لا يعمل بحديث هل يقتضي هذا تضعيف ذلك الحديث؟ لا؛ لأنه قد يعتقده منسوخاً، أو معارض بما هو أرجح منه وإن كان صحيحاً؛ لأنه عند التعارض إنما يقدم الأرجح والأصح، فيعمل بالأصح ويترك الثاني المعارض وإن كان صحيحاً.