مسألة: مجهول العدالة ظاهراً وباطناً لا تقبل روايته عند الجماهير، ومن جُهلت عدالته باطناً ولكنه عدلٌ بالظاهر وهو المستور فقد قال بقبوله بعض الشافعية، ورجح ذلك سُليم بن أيوب الفقيه، ووافقه ابن الصلاح، وقد حررت البحث في ذلك في المقدمات والله أعلم، فأما المبهم الذي لم يسمَ أو من سُمِّي ولا تعرف عينه فهذا ممن لا يقبل روايته أحدٌ علمناه، ولكنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لهم بالخير فإنه يستأنس بروايته ويستضاء بها في مواطن، وقد وقع في مسند الإمام أحمد وغيره من هذا القبيل كثير، والله أعلم.
قال الخطيب البغدادي وغيره: وترتفع الجهالة عن الراوي بمعرفة العلماء له، أو برواية عدلين عنه، قال الخطيب: لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه، وعلى هذا النمط مشى ابن حبان وغيره، بل حكم له بالعدالة لمجرد هذه الحالة، والله أعلم.
قالوا: فأما من لم يرو عنه سوى واحد مثل عمرو بن ذي مر، وجبار الطائي، وسعيد بن ذي خدان تفرد بالرواية عنه أبو إسحاق السبيعي، وجري بن كليب تفرد عنه قتادة، قال الخطيب: والهزهاز بن ميزن تفرد عنه الشعبي، قال ابن الصلاح: وروى عنه الثوري، وقال ابن الصلاح: وقد روى البخاري لمرداس الأسلمي، ولم يروِ عنه سوى قيس بن أبي حازم، ومسلمٌ لربيعة بن كعب، ولم يروِ عنه سوى أبي سلمة بن عبد الرحمن.
قال: وذلك مصير منهما إلى ارتفاع الجهالة برواية واحد، وذلك متجه كالخلاف في الاكتفاء بواحد في التعديل، قلتُ: توجيهٌ جيد لكن البخاري ومسلم إنما اكتفيا في ذلك برواية الواحد فقط؛ لأن هذين صحابيان، وجهالة الصحابي لا تضر بخلاف غيره، والله أعلم.