شهادته؟ ومثله الكاذب؛ لأن الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- أشد من القذف، فالإمام أحمد والحميدي يشددون في هذا الباب، ويرون أنه مجروح أبداً، فلا تقبل روايته؛ لأنه ما دام كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- وجرؤ على الكذب عليه ما الذي يثبت صدقه في توبته؟ وذكرنا أن أكثر العلماء على أن توبته مقبولة، وأن التوبة من الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- ليست بأشد من الكفر، إذ الكافر إذا أسلم فإنه تقبل توبته قولاً واحداً.
قال:"ومن العلماء من كفر متعمد الكذب في الحديث النبوي" هذا والد إمام الحرمين قال بكفره، ومنهم من يحتم قتله، وابن الجوزي يرى أنه إذا كذب أو تعمد الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- في تحليل حرام أو تحريم حلال فإنه يكفر، وعلى كل حال القول بكفره قولٌ مرجوح، حتى قال إمام الحرمين: إنها زلة أو هفوة من والده لم يوافقه عليها أحد.
من غلط في حديث فبين له الصواب فلم يرجع إليه، يروي الحديث فغلط فقيل له: الصواب كذا، قال: لا، لا، الصواب ما ذكرتُ، بُين له غلطه، جاءه واحد، اثنين، ثلاثة، عشرة، قالوا له: الصواب كذا، ارجع إلى الكتاب الفلاني الصواب كذا، قال: لا أبداً الصواب ما ذكرتُ، يُؤتى بالكتب، ولو، ولو أتيتم بالكتب، مثل هذا معاند هذا لا تقبل روايته، لكن إذا كان عدم رجوعه إلى الصواب ليس عن عناد، لم يكن عن عناد وإنما مجرد ثقة بنفسه بحيث إذا كثر عليه من يبين له الصواب رجع، يعني لا يرجع في أول الأمر، هذا إذا رجع في أول الأمر بين له الصواب فرجع هذا لا يؤثر ما لم يكثر في حديثه، لكن إذا روجع ولم يقبل، إن أصر وعاند مهما بلغ المبلغون مثل هذا لا تقبل روايته؛ لأنه يجرح بهذا، يلتحق بمن كذب عمداً، إن كان إصراره ثقةً بنفسه وعدم اطمئنان واسترواح إلى من بلغه بحيث لو زيد في العدد، وجاءه من يؤكد له أنه أخطأ رجع، فمثل هذا تقبل روايته.