"قال الخطيب: أرفع العبارات سمعتُ، ثم حدثنا أو حدثني"(سمعتُ) لا شك أنها تنبئ عن أن طريقة التحمل السماع، ولا يحتمل غيره، سمعتُ لا تحتمل أن تكون طريقة التحمل العرض؛ لأنه في حال العرض ما سمع الشيخ يقول شيء، وإن تجوز بعضهم وأطلق السماع في التحمل في حال العرض، لكن سمعتُ ما تحتمل إلا السماع هذا الأصل فيها، ثم حدثنا وحدثني، حدثنا إذا كان معه غيره، وحدثني إذا قصده بالتحديث وحده، فحدثني أقوى من حدثنا، لكن إذا روى بطريق السماع، ثم نسي فيما بعد هل كان معه غيره أو لا؟ أو كان منفرداً في حال التحديث هل يقول: حدثني أو حدثنا؟ بعضهم، يقول: يقول: حدثني، لماذا؟ لأنه متقين، وجوده متيقن، ووجود غيره مشكوك فيه، وبعضهم يقول: لا، يقول: حدثنا؛ لأن حدثني أقوى، فلا يأتي بالصيغة القوية مع احتمال أن طريقة تحمله أدنى من ذلك، والأمر يسير، والخطب سهل.
قال:"وقد كان جماعة من أهل العلم لا يكادون يخبرون عما سمعوه من الشيخ إلا بقولهم: أخبرنا، ومنهم حماد بن سلمة وابن المبارك وهشيم ويزيد بن هارون وعبد الرزاق ويحيى بن يحيى التميمي وإسحاق بن راهويه وآخرون كثيرون" لا يكادون يخبرون عما سمعوه إلا بلفظ الإخبار، ولا يروون بلفظ التحديث, وعلى وجه الخصوص إسحاق بن راهويه، فيميز به عن غيره إذا جاء مهملاً، إذا قال مسلم: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا فلان، إسحاق ابن من؟ إذا قال: أخبرنا فالذي يغلب على الظن أنه إسحاق؛ لأنه لا يروي إلا بصيغة الإخبار، أما غيره وجد منهم بعض التصريح بالتحديث، لكن الغالب عليهم الرواية بالإخبار.