"قال ابن الصلاح: "وينبغي أن يكون حدثنا وأخبرنا أعلى من سمعتُ" لأن سمعتُ قد لا يكون مقصوداً بالسماع، يسمع مع غيره والشيخ لا يقصده بخلاف ذلك، بخلاف حدثنا، حدثنا يعني قصده بالإخبار، وأخبرنا كذلك، لكن هل القصد بالإخبار مقصود في الرواية؟ له أثر في الرواية؟ يعني كون الشيخ يقصدك بالتحديث أو تكون موجود مع مئات تسمع الشيخ وتروي عنه هل له أثر؟ يعني كون الشيخ قصدك بالسماع، قال: تعال عندي لك حديث، اروِ عني هذا الحديث، فيحدثه به، أو تسمع هذا الحديث منه مع جملة من الناس، هناك فرق؟ نعم ما يظهر فرق، نعم الشيخ له بك عناية، لكن ما دام سمعت من لفظه تؤدي عنه.
الإمام النسائي -رحمه الله تعالى-، وهو من أهل الورع التام في هذا الباب، يروي عن شيخه الحارث بن مسكين بدون صيغة، لا يقول: حدثنا ولا أخبرنا، لماذا؟ يروي عن الحارث بن مسكين يقول: الحارث بن مسكين بدون أخبرنا ولا حدثنا، فيما قرئ عليه وأنا أسمع، الحارث بن مسكين منعه من السماع، وطرده من الحلقة، النسائي يسمع، جلس خلف اسطوانة وصار يسمع، والحارث بن مسكين ثقة إمام عنده، فلكونه ثقة روى عنه، ولكونه لم يقصده بالسماع أو بالتسميع ما نسب إليه الرواية، ما قال: حدثنا ولا أخبرنا، بل أورد الإسناد من غير صيغة، فقال: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع.