"قال ابن الصلاح: وكذلك التحدث في مجلس السماع، وما إذا كان القارئ سريع القراءة" بعض الناس إذا صار يقرأ يأكل بعض الحروف، "إذا كان القارئ سريع القراءة، وكان السامع بعيداً من القارئ" ما يسمع كل ما يُقرأ، "ثم اختار أنه يغتفر اليسير من ذلك"، يعني لو فاته حرف حرفين كلمة فقط يجوز له أن يروي ذلك الحديث، وإن فاته ما فاته من الشيء اليسير، "وأنه إذا كان يفهم ما يقرأ مع النسخ فالسماع صحيح، وينبغي أن يجبر ذلك بالإجازة بعد ذلك كله" يعني الشيخ إذا رأى أن بعض الطلبة يتغافلون، وبعضهم ينعس، وبعضهم يحدث بعض، يجبر هذا المجلس بالإجازة، بأن يقول: أجزت لجميع من سمع أن يروي عني هذا الحديث، أو هذا الكتاب، والإجازة نوع من أنواع التحمل، يأتي الحديث عنه قريباً -إن شاء الله تعالى-.
يقول:"هذا هو الواقع في زماننا اليوم أن يحضر مجلس السماع من يفهم ومن لا يفهم" من الصغار والكبار، العرب والأعاجم وغيرهم، "والبعيد من القارئ، والناعس، والمتحدث والصبيان الذين لا ينضبط أمرهم، بل يلعبون غالباً، ولا يشتغلون بمجرد السماع، وكل هؤلاء قد كان يكتب لهم السماع بحضرة شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي -رحمه الله-".
قد يقول قائل: إذا كان رواية الحديث وسماعه بهذا التساهل كيف نثق بأخبار وصلتنا من طريق هؤلاء؟ نقول: لا، حينما كان العمدة على الرواة ما كان هذا الأمر موجود، ما كان هذا التساهل موجوداً، بل كان هناك التشديد، والاحتياط للرواية، أما بعد أن آل الأمر إلى أن صارت فائدة السماع مجرد إلقاء سلسلة الإسناد فليكن مثل هذا أو ما هو دونه، الأمر سهل.
يقول:"وبلغني عن القاضي تقي الدين سليمان المقدسي أن زُجر في مجلسه الصبيان عن اللعب، فقال: لا تزجروهم، فإنا سمعنا مثلهم"، {كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ} [(٩٤) سورة النساء] كانوا صبيان ثم كبروا، الذي يزجر الصبي كان مثله، صبي يلعب في الصلاة ويعبث ما تزجره تنفره، كنتَ مثله قبل، لكن إذا تعدى ضرره إلى المصلين الآخرين ينبغي أن يكف.