وقد حكي إجماع العلماء في الأعصار المتأخرة على تسويغ كتابة الحديث, وهذا أمر مستفيض شائع ذائع من غير نكير.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول الإمام الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "النوع الخامس والعشرون: في كتابة الحديث وضبطه وتقييده" بدأ -رحمه الله- الكتاب كأصله في حكم كتابة الحديث، والكتابة ورد فيها أحاديث متعارضة، جاء في النهي عن الكتابة حديث أبي سعيد في صحيح مسلم:((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن، ومن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه))، وجاء في الإباحة أحاديث منها:((اكتبوا لأبي شاه)) وقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "ما كان أحدٌ أكثر مني حديثاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب" ولذا اختلف أهل العلم من السلف، من الصحابة ومن بعدهم في حكم الكتابة، فمنعها قومٌ اعتماداً على حديث أبي سعيد، وأجازها آخرون لما ورد في الإباحة من الأحاديث، بل ورد الأمر بها، ووفق أو جُمع بين هذه الأحاديث، حُمل أحاديث النهي حينما كان يخشى التباس الحديث بالقرآن، ويتصور هذا إذا كتب الحديث مع القرآن في موضعٍ واحد، وحينئذٍ لا يجوز خلط القرآن بغيره إذا لم يؤمن اللبس ((ومن كتب عني شيئاً سوى القرآن فليمحه)) فإذا أمن اللبس جاز ذلك، ولذا أطبق أهل العلم على مزج التفسير بالقرآن، وهو من كلام الناس.