للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الخلاف في الصدر الأول حول الكتابة اتفق العلماء على جوازها، أجمع أهل العلم على جواز الكتابة وارتفع الخلاف، وإذا أجمع أهل العلم على مسألة بعد حصول الخلاف، فهل الإجماع يفيد القطعية، قطعية حكم المسألة، بحيث لو خالف شخص، وقال الكتابة: لا تجوز لوجود الخلاف من السابقين، والأقوال لا تموت بموت أصحابها، ماذا نقول له؟ الخلاف أو الإجماع بعد الخلاف إذا انعقد الإجماع على مسألة بعد أن وقع الخلاف فيها أو العكس، مع أن العكس غير متصور، لكن إحداث قول ثالث هل يعد مخالفة للإجماع؟ يجوزه بعضهم، ويمنعه بعضهم؛ لأن المتقدمين اتفقوا على قولين فقط، فهنا يتصور الخلاف بعد الاتفاق، لكن المسألة التي معنا من الاتفاق بعد الاختلاف، والمسألة خلافية، هل يكون إجماع ملزم وقطعي؟ أو الأقوال لا تموت بموت أصحابها ويبقى الخلاف سائغ إلى آخر الدهر؟

على كل حال إذا عرفنا أن عمدة من منع خشية اللبس، وارتفعت عمدته، وارتفعت هذه العلة التي منع من أجلها ارتفع قوله، وصار وجوده مثل عدمه؛ لأن من الآثار المترتبة على مثل هذه المسألة لو قال شخص: بأن الكتابة حرام ولا تجوز، الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن)) وعلى هذا حكم على كل من كتب من الأئمة كمالك والبخاري وأحمد وغيرهم من الأئمة بأنهم ارتكبوا محرم؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن) نقول: لا، صارت الكتابة محل إجماع من أهل العلم بعد الخلاف القديم الذي انقرض، وعمدته العلة مع النص، مع النص الثابت والعلة، والعلة ارتفعت، والنص جاء ما يعارضه فدل على أنه ((لا تكتبوا)) النهي لا يصل إلى حد التحريم، وإنما هو للكراهة، والصارف ما جاء من الإذن بالكتابة، بل الأمر بها، الأمر بالكتابة ((اكتبوا لأبي شاه)) وعبد الله بن عمرو كان يكتب بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما أخبر به أبو هريرة -رضي الله عنه- في الصحيح، فدل على أن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن)) لمجرد الكراهة خشية الالتباس بالقرآن، والله المستعان، نعم.

طالب:. . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>