فرعٌ: وإذا سقط من السند أو المتن ما هو معلومٌ فلا بأس بإلحاقه، وكذلك إذا اندرس بعض الكتاب فلا بأس بتجديده على الصواب، وقد قال الله تعالى:{وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [(٢٢٠) سورة البقرة].
يقول -رحمه الله-: "وإذا سقط من السند أو المتن ما هو معلومٌ فلا بأس بإلحاقه" إذا سقط كلمة وأنت تنسخ من المتن في نسبة راوٍ، أو متن حديث، فإنه لا بأس بإلحاقه إذا كانت معلومة محفوظة عند من ألحقها، "وكذلك إذا اندرس بعض الكتاب" تمزقت أطرافه، أو قصه المجلِد حينئذٍ لا بأس بتجديده، وكتابة ما يغلب على الظن أنه صواب، لكن إن تيسر له نسخة أخرى يرجع إليها فهو الأصل، إن لم يتيسر له ذلك يجتهد في ربط الكلام، ويبين أنه هو الذي ألحق هذه الكلمات الساقطة، والله -سبحانه وتعالى- يقول:{وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [(٢٢٠) سورة البقرة] لأن هذا نيته الإصلاح ما نيته الإفساد، ولذا جُوِّز صنيعه على أن يبين أنه هو الذي ألحق هذه الأشياء الساقطة، نعم.
فرعٌ آخر: وإذا روى الحديث عن شيخين فأكثر وبين ألفاظهم تباينٌ فإذا ركب السياق من الجميع كما فعل الزهري في حديث الإفك حين رواه عن سعيد بن المسيب وعروة وغيرهما عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-، وقال: كلٌ حدثني طائفةً من الحديث، فدخل حديث بعضهم في بعض، وساقه بتمامه فهذا سائغٌ، فإن الأئمة قد تلقوه عنه بالقبول، وخرجوه في كتبهم الصحاح وغيرها، وللراوي أن يبين كلَّ واحدةٍ منها عن الأخرى، ويذكر ما فيها من زيادة ونقصان، وتحديثٍ وإخبارٍ وإنباء، وهذا مما يعنى به مسلمٌ -رحمه الله- تعالى في صحيحه ويبالغ فيه، وأما البخاري فلا يعرج غالباً على ذلك، ولا يلتفت إليه، وربما تعاطاه في بعض الأحايين، والله أعلم، وهو نادر.