يقول:"إذا روى الحديث عن شيخين فأكثر" وكان بين ألفاظ هؤلاء الشيوخ تباين فالمسألة لا تخلو: أن يكون هؤلاء الشيوخ كلهم ثقات، أو فيهم الثقات والضعفاء، فإن كانوا ثقات فلا إشكال في جمعهم وسياق خبرهم مساقاً واحداً، كما حصل من الزهري في حديث الإفك؛ لأنه إن كانت هذه الجملة من رواية سعيد وعروة، من رواية سعيد أو من رواية عروة، أو من رواية غيرهما من الثقات، فالأمر متردد بين ثقتين ولا إشكال حينئذٍ، وإن كان فيهم الثقة والضعيف فلا بد من فصل ما يرويه الضعيف عما يرويه الثقة؛ لئلا يلتبس الأمر، إذا قلت: حدثني فلان وفلان وبعضه عن فلان الثقة وبعضه عن فلان الضعيف لا بد أن تميز؛ لئلا تنسب هذا ما رواه الضعيف إلى ذلك الثقة، فيحصل اللبس على القارئ فيثبت الخبر، أو فيثبت ما ليس بثابت، أو يتردد في رواية ما رواه الثقة، فيكون فعلك سبباً في رد ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكلاهما قبيح، لا شك أن رد الثابت قبيح، وإثبات غير الثابت أيضاً شنيع.
"فإن الأئمة قد تلقوه عنه بالقبول" يعني تلقوا حديث الإفك عن الزهري بالقبول، وإن كان أدرج بعض ألفاظ الرواة في بعض، لماذا؟ لأنهم كلهم ثقات، "وخرجوه في كتبهم الصحاح وغيرها، وللراوي أن يبين كل واحدةٍ منها عن الأخرى، ويذكر ما فيها من زيادة ونقصان" لا شك أن هذا هو الأحوط، هذا هو الأحوط أن يبين رواية عروة ويبين رواية سعيد ورواية غيرهما، ولو كانوا ثقات لا شك أن هذا هو الأحوط، لكن إذا جمعهم فالأمر لا يعدوهم، وهم كلهم ثقات، "ويذكر ما فيها من زيادة ونقصان، وتحديثٍ وإخبارٍ وإنباء" حتى يبين ما بين صيغ الأداء من فروق، يذكر أن هذا يقول: حدثنا، وقال ذاك: أخبرنا، وقال ذاك: أنبأنا إلى آخره، وهذه الفروق يعتني بها مسلم -رحمه الله تعالى-، ويميز بعضها عن بعض بدقة، فيقول: حدثنا فلان وفلان وفلان قال الأول: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا، يبين أيضاً في ألفاظ المتون فروق الروايات بالحرف، "وأما البخاري فإنه لا يعرج على ذلك" لأن المسألة مفترضة في مجموعة من الثقات، سواءً رووه بهذا اللفظ أو بذاك فالأمر لا يعدوهم، ربما. . . . . . . . . بعض الأحايين ربما لكنه قليل، نعم.