يتفرغ ويخلو بربه، ويأنس به، ويتلذذ بمناجاته، الآن واقع كثير من الناس يستوحش من البيت الخالي، بل لو كان. . . . . . . . . العدد الذي يسكن هذا البيت شيء يسير طلب الزيادة، نادوا آل فلان يكثرون، هذا واقع كثير من الناس يردون الصوت، ولو قيل: هلمَّ يا فلان نجلس إحنا وإياك ساعة نستذكر أو نفهم، يقول بلسانه، بلهجته نتقابل كأننا جن، نعم، المشكلة أنه ما روضت النفوس على التلذذ بمناجاة الله، ما روضت على هذا، ولذا تجد الإنسان يندر أن يجلس في بيت بعد خروج أهله منه، يطلع على ما يقولون: يوسع صدره، والله المستعان.
والعمر قصير ينبغي للمسلم على وجه الخصوص طالب العلم أن يعتني بهذه الأنفاس، وهذه الأوقات التي هي في الحقيقة هو، هي عمره، الدقائق التي يعيشها والساعات هي عمره، وعمر الإنسان نفسه، هو في كل ساعة ينقص، ينقص وهو يسير إلى الدار الآخرة، فعليه أن يغتنم هذه الأنفاس، وهذه الأوقات، وهذه الساعات.
ومن سار نحو الدار -يقول ابن عبد القوي -رحمه الله- ستين حجةً ... فقد حان منه الملتقى وكأن قدي
تصور شخص ستين سنة يقطع الفيافي أو خمسين سنة يصل، إلى متى؟ والله المستعان.
يقول:"ولهذا تداعت رغبات كثيرٍ من الأئمة النقاد، والجهابذة الحفاظ إلى الرحلة إلى أقطار البلاد"، يُرجل إلى من تميز في هذا الشأن في الرواية والدراية، كثيراً ما يُذكر في ترجمة فلان من الناس من العلماء الكبار أنه رُحلة، إيش معنى رُحلة؟ يعني يُرحل إليه، والذهبي في صدر التراجم في السير إذا أراد أن يصف: هو الإمام المحدث الكذا الجوال، إيش معنى الجوال؟ نعم، الذي يرحل، يجول في البلدان.