ولا يشك ولا يظن ظان ولا يذهب وَهْل وَاهِل أن الأخبار متفاوتة في إفادتها؟ الأخبار لا شك أنها متفاوتة، فمنها ما يلزم بقبوله بمجرد سماعه، ومنها ما يتوقف في قبوله على .. ، ويتثبت فيه، ومنها ما يرد بمجرد سماعه، فالأخبار متفاوتة، وهذا شيء يشهد به الحس والواقع أن خبر زيد من الناس ليس مثل خبر عمرو، الناس متفاوتون في قوة الضبط والحفظ والإتقان والعدالة والديانة هم يتفاوتون، وتبعاً لتفاوتهم في هذين الأمرين تتفاوت أخبارهم، أيضاً عددهم يختلف ويتفاوت، خبرٌ يحمله عشرة ما هو مثل خبر يحمله واحد، خبر يحمله مائة أو ألف ليس مثل خبر يحمله واحد أو اثنان، الاحتمال قائم في خطأ الواحد والاثنين وهو عن الجماعة أقل أو أبعد، الاحتمال أقل وروداً في خبر الجماعة، والجماعة أولى بالحفظ والضبط من الواحد، كما قال الإمام الشافعي -رحمه الله-، وإذا عرفنا أن الأخبار متفاوتة فكوننا نسمي هذا النوع من هذه الأخبار بهذا الاسم، أو هذا النوع بهذا الاسم، أو جاء من يصطلح ويغير هذه الاصطلاحات ويبين، والنصوص الشرعية لا تمنع من ذلك، هذه اصطلاحات ولا مشاحاة في الاصطلاح.
منهم من قال: ينبغي أن يكون خبر الثلاثة عزيز، لا يسمى مشهور، ليش؟ لأن الله -سبحانه وتعالى- يقول:{فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [(١٤) سورة يس] وخبر الاثنين ليس بعزيز نسميه إيش؟ مؤزر، من أهل العلم من قال بهذا الكلام، {وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي} [(٢٩) سورة طه] يعني ضم الثاني إلى الأول.
يقول: والاصطلاحات كلما قربت من الإطلاقات الشرعية كانت أولى، على كل حال هي اصطلاحات، وشيخ الإسلام الذي لا يشك في إمامته في الدين، وحربه للبدع والمبتدعة يستعمل هذه الاصطلاحات، ويقسم الأخبار إلى متواتر وآحاد، ولا يختلف مع أهل العلم في هذا، بل يمثل بأمثلته، ثم يأتي من يقول: إن هذه بدع ينبغي أن تنظف كتب المصطلح منها، حتى قال قائلهم: إن النخبة زبالة المصطلح، التي بنيت على هذه الأقسام ورتبت على هذا.