قد يكون الخبر في القرآن فيه احتمال نقيض؟ ما في احتمال، إذاً هو قطعي، قطعي الثبوت، فالخبر المتواتر بمثابة قطعي الثبوت، لا يحتمل النقيض بمعنى أن نسبته مائة بالمائة، هل كل ما كان قطعي الثبوت قطعي الدلالة؟ لا، يعني نسبة دلالة {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(٢) سورة الكوثر] صلِّ على صلاة العيد نسبته؟ هل نقول: إن الآية قطعية في الدلالة فنوجب صلاة العيد كالحنفية؟ الآية وإن كانت قطعية الثبوت إنما ظنية الدلالة، ولا نقول في مثل هذا: إن الظن لا يغني من الحق شيئاً، وإلا يلزم علينا أن نقول: الظن لا يغني من الحق شيئاً ونطرح مثل هذا الكلام.
على كل حال التقسيم لا ضير فيه، ولا خطر منه، ولا نلتزم بلوازم المبتدعة، هذا نوع من العلم ألزمنا بالعمل به نعمل به، ولا نعتقد عصمة أحد، العلم أو خبر الواحد الذي يفيد الظن في أصله قد يفيد العلم، متى؟ إذا احتفت به قرينة، قلنا: إن خبر مالك نسبته خمسة وتسعين بالمائة؛ لأنه الذي يغلب على ظننا إصابة الإمام مالك، طيب وجد قرينة تدعم هذا الخبر ارتفعت هذه النسبة الباقية الخمسة بالمائة ارتفعت بالقرينة، فعلى هذا ارتفع خبر مالك بالقرينة إلى مائة بالمائة فأفاد العلم، وهذا هو القول المعتمد في خبر الواحد أنه إذا احتفت به قرينة أفاد العلم، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن حجر وجمعٌ غفير من أهل العلم، وهو القول الوسط المعتمد في هذه المسألة، وعرفنا وجهه.
"وعن القاضي الماوردي: أن المستفيض أقوى من المتواتر" منهم من يجعل المستفيض في مرتبة متوسطة بين المتواتر والمشهور، وعلى كل حال هذا اصطلاح، لكن الأكثر على أن المستفيض والمشهور بمعنىً واحد.