هذان النوعان متقابلان، معرفة المزيد في متصل الأسانيد، ومعرفة الخفي من المراسيل، فعلى سبيل الإجمال إذا جاء حديث من طريقين في أحدهما زيادة في الرواة، يكون مروي من طريق ستة رواة، ومن طريقٍ آخر خمسة، الخمسة موجودون في الإسناد الأول والثاني، وبينما سادس زائد أو سابع، وهؤلاء خمسة متعاصرون أو على الأقل هذان اللذين سقطا منهما السادس في الإسناد الثاني، الناظر في الإسناد إما أن تترجح له الزيادة فيكون النقص من خفي المراسيل، أو يترجح عنده النقص فتكون الزيادة من المزيد في متصل الأسانيد، أو يصح عنده الأمران.
ولا يبعد أن يروي الراوي الثقة حديثاً عن شخص عن آخر، ثم يلتقي بالشخص الآخر الذي روي عنه الحديث، روى عنه الحديث بواسطة فيرويه عنه بغير واسطة، الآن الصورة واضحة وإلا ما هي بواضحة؟ عندنا حديث مروي من طريقين، أحد الطريقين الوسائط ستة بينه وبين الرسول -عليه الصلاة والسلام-، والطريق الثاني الوسائط خمسة، الناظر في هذين الطريقين -وهو من أهل النظر- إن ترجح عنده الإسناد الناقص الخمسة، كيف يترجح؟ بالقرائن كما هو معروف، ترجح عنده الإسناد الناقص، فيكون السادس المذكور في الإسناد الأول من المزيد في متصل الأسانيد، إن ترجح عنده الإسناد الزائد الستة يكون الثاني من خفي المراسيل، إن ترجح عنده الأمران، ثبت عنده الأمران؛ لأنه قد يثبت الأمران، وليس بمستحيل أن يرد الحديث من طريق ستة أو من طريق خمسة، ليس بمستحيل، وهذا متصور جداً، تروي عن شخص عن آخر في بلدٍ آخر، ثم تسافر أو تلتقي به في حجٍ أو غيره الذي رويتَ عنه بواسطة فتروي عنه مباشرة، هذا واضح، فيصح الأمران، وحينئذٍ لا يحكم بأن ذاك زائد ولا ناقص، هذا من حيث الإجمال.
"معرفة المزيد في متصل الأسانيد، وهو أن يزيد راوٍ في الإسناد رجلاً لم يذكره غيره" مثل ما نظرنا، هذا السادس الذي ذكر في الإسناد الأول ما ذكره غيره في الإسناد الثاني، وهذا يقع كثيراً في أحاديث متعددة، هذا واقع، له أمثلة كثيرة.