"وقد صنف الحافظ الخطيب البغدادي في ذلك كتاباً حافلاً، قال ابن الصلاح: في بعض ما ذكره نظر" لماذا؟ لأنه مبنيٌ على اجتهاده؛ لأنه مبني على الاجتهاد، حكم بأن هذا من المزيد في متصل الأسانيد، نظر بين الأسانيد فترجح عنده الإسناد الناقص فحكم على هذه الأسانيد التي أوردها في كتابه بأنها من المزيد، وهل يكلف الإمام الحافظ الخطيب البغدادي رغم ما قيل فيه من بعض المعاصرين في اجتهاد غيره؟ ما يكلف، هو إمام في هذا الشأن، وفي كل باب، وفي كل نوع يمر علينا أنه صنف فيه كتاب، ويقال عنه ما يقال؟ والله المستعان.
"وفي بعض ما ذكره نظر" لا بد أن يوجد نظر، الإمام الدارقطني في بعض ما ذكره نظر، أبو حاتم الرازي في بعض ما ذكره نظر، في أحد يخلو من النظر؟ من يعرو؟ من في أحد يعرو، في بعض ما ذكره نظر صحيح؛ لأنه قد يظهر للمجتهد الثاني خلاف ما ظهر للخطيب، فيكون فيه حينئذٍ نظر من هذه الحيثية، وقد يظهر للخطيب ما لم يظهر للدارقطني فيكون في اجتهاد الدارقطني نظر، فليس هناك أحد معصوم، أو أحد محيط بالعلم كله، أبداً، والله المستعان.
" ... مثَّل ابن الصلاح هذا النوع بما رواه بعضهم عن عبد الله بن المبارك عن سفيان عن عبد الله بن يزيد بن جابر قال: حدثني بُسر بن عبد الله سمعتُ أبا أدريس يقول: سمعت واثلة بن الأصقع قال: سمعت أبا مرثدٍ الغنوي يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((لا تجلسوا على القبور، أو تصلوا إليها)) " الحديث مخرج في صحيح مسلم، "رواه آخرون عن ابن المبارك فلم يذكروا سفيان"، مباشرة عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن يزيد، "وقال أبو حاتم الرازي: وهم ابن المبارك في إدخال أبا إدريس في الإسناد" فيكون هناك زيادتان، رواه الآخرون عن ابن المبارك عن عبد الله بن يزيد بن جابر، قال: حدثني بسر بن عبد الله يقول: سمعت واثلة قال: سمعت أبا مرثد الغنوي فسقط اثنان، من يرجح الإسناد الأول الذي معنا، الذي مثل به ابن الصلاح، الذي يرجح هذا الإسناد، الذي فيه الاثنان معاً، يحكم على الثاني بأنه مرسل خفي، والذي يرجح الإسناد الثاني يحكم على الأول بأنه مزيد في متصل الأسانيد، وبهذا تتضح الصورة، الآن الصورة فيها خفاء؟